الحمد لله غافر الذنب شديد العقاب ذى الطول لا اله الا هو اليه المصير واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له يتنزل كل ليلة نزولاً يليق به فيقول هل من تائب فأتوب عليه؟ هل مستغفر فاغفر له؟ هل من سأل فاعطيه؟ حتى يطلع الفجر
واشهد ان محمدا عبده ورسوله كان يستغفر الله كل يوم اكثر من سبعين مرة اما بعد
اخوتاه هذا موضوع هام جدا لكل مسلم ومسلمة ولكل عاقل من العقلاء فالمسلم يرى ذنوبه كأنها غمامة والمنافق يرى ذنوبه كأنها ذبابة
اخوانى علينا جميعا ان نحاسب انفسنا كل يوم وان نكثر من التوبة كما كان الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وهو الذى قال له ربه انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ماتقدم من ذنبك وما تأخر
ومع ذلك كان يكثر من التوبة والاستغفار للعزيز الغفار
فما بالنا نحن وقد عصينا الملك القهار
كثير منا يستهين ويقول غيري يفعل كذا وكذا ويمن على الله بركيعات يركعها وينقرها نقر الغراب وبعد ذلك تراه يمن عليك بانه صلى الجمعة ويقول احمد الله ايها الرجل فغيرى لايصلى ولا ولا الخ
ونسي هذا او تناسى ان الله انعم عليه بنعم لاتحصى ولاتعد
اخوانى تعالو بنا نجدد التوبة والاوبة مع الله تعالو قبل فوات الاوان
قال الله تعالى
واتقو يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لايظلمون
وقال تعالى
وأنفقو ممارزقناكم من قبل أن يأتى أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتنى إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون
الى اخر الايات الواردة فى هذا
اخوانى الكرام ان كثيرا من الشباب والفتيات يفعل بعض المخالفات ويقدم بعض الاعتذارات بقوله الامر ليس كبيرا بل هو صغير جدا انا ادخن لكن غيرى يشرب الخمر واخرى تقول انا اكلم بعض الشباب لكن غيرى تفعل كذا واخر يقول انا اسمع الاغانى لكنى لااؤذى احدا من الناس
ونسي هؤلاء أن الله قال
فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره
فهم مغلوط ان تفعل المنكر وتستصغره امام الكبير المتعال
خل الذنوب صغيرها
وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماش فوق
ارض الشوك يحذر مايرى
لاتحقرن صغيرة
ان الجبال من الحصى
ايها الاخيار ان كثيرا منا يقول مبررا فعله ان الله غفور رحيم والدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه
نعم ماذكره حق ولكن اريد به باطل فالله غفور وغفار ولكن لمن ؟
لمن تاب واناب وعاد اليه
والدين يسر
لكن فى اى موضع يجب ان يقال هذا الحديث؟
فى احكام الدين كقصر الصلاة ومناسك الحج والصوم
اما ان نرتكب الكبائر ونقول هذا الحديث فهذا عبث بدين الله وبسنة رسوله الكريم كمن ينظر الى النساء العاريات المجرمات ويقول لك ان الله جميل يجب الجمال انظر الى الخبل والى الجهل المركب
نعم اخوتاه الله غفار والله تواب والله حليم والله يستحي من العبد اذا رفع اليه يده ان يردهما صفرا خائبتين فلابد ان نقصد الطرق الصحيحة فى التوبة
التوبة لها شروط ولها اركان ولها ضوابط لا ان نقف ونستقر ونستمر على الذنوب ونقول استغفر الله انا بهذه الطريقة من التائبين
لا فهذه ليست توبة بل هذه توبة تحتاج الى توبة واستغفار يحتاج الى استغفار
اخوانى انا لااقنط احدا من رحمة الله ولكن هذا فهم نعيشه خطأ لابد ان يعالج حتى نصل الى بر الامان اخوانى مامن احد الا وقد عصى الله بعد الانبياء والمرسلين
ولكن من تاب تاب الله عليه
اقرئو هذه القصة المؤثرة التى ذكرها الشيخ على القرنى حفظه الله
هاهي امرأة بَغِيّ، بارعة الجمال، لا تمكن من نفسها إلا بمائة دينار، وتمر على عابد ما عصى الله طرفة عين، يتعبد لله في صومعة من الصوامع، فيفتتن بها، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فاتقوا الدنيا واتقوا النساء }^ افتُتن بها فراودها عن نفسها، فأبت أن تمكنه إلا بمائة دينار، وهو لا يملك ريالاً ولا ديناراً ولا درهماً، فماذا كان منه؟ كان منه أن ترك صومعته وذهب يكدُّ ويتعب، وجمع المائة الدينار.
ثم ذهب إلى هذه البغي في بيتها وفي قصرها، طرق عليها الباب، ويوم طرق عليها الباب خرجت، ويوم خرجت قال لها: هأنذا، قد جمعت المائة دينار وجئت، قالت: ادخل. فدخل إليها في قصرها، فَعَلَتْ على سرير من ذهب، وتزينت في كامل زينتها، ويوم تزينت في كامل زينتها قالت: هلمَّ إليّ، فسقط جالساً.
قالت: قد كنت تزعم أنك ستجمع وتأتي، فلما مكنتك من نفسي تجلس، قال: ذكرت وقوفي بين يدي الله -عز وجل- فلم تحملني أعضائي لأقف، فما كان منها هي أيضاً إلا أن ارتعدت وارتعشت وخافت ووجلت وقالت: لا تخرج من هذا البيت حتى تتزوجني، قال: لكني والله لا أتزوجك، وإنما خذي هذه الدنانير ودعيني أخرج، قالت: لا تخرج حتى توافق على الزواج مني، فماذا كان منه ؟ قال: بلدي في المكان الفلاني، وعلك إن جئت تائبة لعلي أن أتزوجك، وهو يريد الخلاص منها.
أما هو فذهب وخرج نادماً على تفكيره في عمل المعصية، نادماً على تركه العبادة ليجمع المائة دينار ليزني بها، كما يفعل بعض شبابنا اليوم -هداهم الله- يوم يجمعون دراهمهم ودنانيرهم ليذهبوا ليعصوا الله في بلاد الكفر والعري، ثم يرجعوا وكأن لم يكن شيئاً، وكأن الله -عز وجل سبحانه وبحمده وله العزة والجلال- كأنه لا يراقبهم إلا في جزيرة العرب .
أما هي فأقلقتها بشاعة الفاحشة، وآلمتها مرارة الكبيرة، ولسعتها مرارة المعصية، وما كان منها إلا أن رجعت إلى الله، وتابت إلى الله، وذهبت تبحث عمن كان سبباً في توبتها إلى الله جل وعلا، ذهبت إليه في قريته، وسألت عنه، فدُلَّت على بيته، فلما وصلت إلى البيت طرقت الباب فخرج، فتذكر يوم كادت تزل قدمه، فشهق شهقة عظيمة فمات -كما ذكر ذلك ابن قدامة في كتابه التوابين -.
فكان منها أن حزنت حزناً عظيماً، وقالت: لأتزوجنَّ قريباً من أقربائه حباً فيه، فقالوا: له أخ فقير تقي، قالت: أتزوجه حباً في أخيه، فتزوجت هذا العبد الصالح الفقير التقي أخو ذلك الصالح التقي، فجعل الله من نسلها ومن نسله سبعة من الصالحين العابدين الزاهدين.
فلا إله إلا الله! ما أعظم شأن التوبة! وكلنا ذوو خطأ، فهل من توبة؟ وهل من أوبة؟ آن لنا أن نتوب، آن لنا أن نئوب.
والنفس كالطفل ان تهمله شب
على حب الرضاع وان تفطمه ينفطم
خالف هواه اذا دعاك لريبة
فلرب خير فى مخالفة الهوى
حتى متى لاترعوى ياصاحبى
حتى متى والى متى والى متى
قال الله تعالى
قل ياعبادى الذين اسرفو على انفسهم لاتقنطو من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم
وكما قيل البر
لايبلى والذنب لاينسى والديان لايموت اعمل ماشئت فكماتدين تدان