أعداد أ / زكية بالناصرالقعود جامعة قاريونس
يحاول الباحث هنا أن يهتم بجانب من التراث الطبي الإسلامي وهذا فى الحقيقة يعنى التاريخ له وللمرحلة التى نشأ فيها وإبراز الاكتشافات العلمية التى أسهم بها الأطباء المسلمون فى بناء الحضارة الإنسانية وتطور العلوم البشرية ، ولكن الباحث لا يُخفى خشيته من الخوض فى التاريخ العام للطب الإسلامي ومن تعداد مآثر الأطباء المسلمين ، لأن ذلك قد يوقعنا فى تكرار حقائق علمية أصبحت اليوم معلومات متعارف عليها . لذلك رأينا أن نقتصر على جانب واحد لم ينل حظه من الدرس ولم يعن به الدارسون عناية خاصة ونعنى به تاريخ علم التشريح عند المسلمين .
أولا ً الحديث عن هذا العلم نحاول أن نلقى الضوء على التطور التاريخي لعلم التشريح عند العرب المسلمين وما أنجزته العقلية العربية فى هذا الحقل فى الحقبة التاريخية التى تبدأ من القرن الثالث الهجري إلى القرن السابع الهجري إذا لم ينل هذا الموضوع ما يستحقه من عناية واهتمام كبيرين من قبل الباحثين فى التاريخ الحضاري العربي الإسلامي فى قرونه المتعاقبة الطويلة .
وإذا كانت جمهرة منهم قد كشف أطرافا ًمعينة من هذه العلوم فإن بعض جوانبها ما زال غامضا لم يسجل تسجيلا كاملا أو يكاد ومن هذا تجئ أهمية هذا البحث الذى بين أيدينا .
إذ يحاول الباحث أن يستقصى بروح علمية وأكاديمية مجتهدة فى الوصول إلى أعماق هذا التاريخ وأصوله لبيان دور العرب المسلمين الفعال فى اكتشافاتهم وتطورهم وأثرهم الكبير فى النهضة العلمية على العلم وفى العصور الوسطي .
تعريف علم التشريح :-
ويًعرف علم التشريح بأنه :- علم باحث عن كيفية أجزاء البدن وترتيبها من العروق والأعصاب والغضاريف والعظام واللحم وغيرها من أحوال كل عضو (1) وجاء فى " المعجم الوسيط " بأنه العلم الذى يبحث فى تركيب الأجسام العضوية بتقطيعها وفحصها (2) وفى " معجم المنجد الأبجدي " أنه العلم الذى يدرس تقطيع جثة الميت والبحث والوقوف على كيفية تركيبها وما فيها من علل (3) .
ومن هذا نلاحظ أن مادة (شرح) فى معاجم اللغة قد تطورت مدلولاتها من مجرد كلمة ينطقها العامة ، كما فى معاجم اللغة القديمة ، إلى مصطلح له دلالة علمية . وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على تقدم العرب فى ميدان الطب والجراحة .
وأما علم التشريح فى المعاجم المتخصصة فقد عرفه :- كتاب Traite d anatomie بأنه العلم الذى يهتم بدراسة تكوين الكائنات المركبة وعلم التشريح البشرى ، هو الشعبة التى تهتم بدراسة جسم الإنسان (4) .
ويقول " فير سال " فى تمهيده لكتاب " دوفيركا " أن علم التشريح يجب أن يكون القاعدة الوحيدة على الإطلاق لكل فنون الطب وعمدتها الأساسية (5) .
أما أقسام علم التشريح :-
يمكننا تصنيف علم التشريح وميادين ممارسته إلى ثلاثة أصناف هى :-
1- علم التشريح البياني أو الو صفى :-وهو العلم الذى يهتم بدراسة مختلف الأعضاء و الأجهزة التى يتركب منها جسم الإنسان . وهو أكبر شعب هذا العلم وأوسعها .
2- علم التشريح الخارجي :- وهو العلم الذى يعنى بدراسة علاقة الأعضاء فيما بينها وأقسامها أو انعكاسها على الهيكل العظمى .
3- علم التشريح المقارن :-وهو العلم الذى يعنى بدراسة التحولات المتتالية التى تحدث فى الكائنات الحية والاختلافات الموجودة بينها من ناحية تركيب الأعضاء المكونة للأجهزة من ناحية أخرى .
ومع تطور العلوم ظهرت التخصصات الدقيقة الأخرى فمنها :-
أ- علم التشريح البنيوى أو النسيجي : وهو العلم الذى يدرس التكوين الدقيق لمختلف الأعضاء وأنسجتها .
ب- علم التشريح غير العادي : ويضمن دراسة تشريح العاهات الخلقية (6) .
أغراض التشريح :- هناك عدة أغراض يتم من أجلها علم التشريح وهى :-
1- الغرض التعليمي .
2- غرض تشخيص الأمراض .
3- غرض الكشف عن سبب الوفاة .
من أغراض التشريح كذلك معرفة أسباب الوفاة المشتبه فيها . مثل حوادث القتل أو التسمم أوغيرها من الأسباب . ولمعرفة سبب الوفاة يُكلف الطبيب بتشريح الجثة للوقوف على السبب الحقيقي للوفاة (7) .
التشريح عند الشعوب القديمة :-
أثبتت الاكتشافات الأثرية سواءً فى بلدان الشرق أم الغرب أن الشعوب القديمة كانت على معرفة بعلم التشريح ، إذ تعد عملية التحنيط أول عمل تشريحي للميت ،يقوم به الإنسان ، على الرغم من أن عملية التحنيط هذه عملية تشريحية إلا أن لم يقصد منها المشاهدة والتمعن والتفكير فى تركيب جسم الإنسان وأعضائه واستخلاص الملاحظة من ذلك ، وربطها بعلم الطب ، إنما كانت تقام لمجرد حفظ جسم الإنسان لأهداف ومعتقدات دينيه محضة (8) .
ويعد المصريون أول من أجرى عملية تشريح لجثة الميت ، إذ أزالوا أعضاءه الداخلية ، ما عدا القلب ، الذى كانوا يضنونه مركز الحياة وذلك من أجل تحنيطه وحفظه ، كما يشاهد فى الموميات (9) فلقد أورد المؤرخ " ماينتون " وأيده " بلين " أن ملوك الأسرة الأولى "الفرعونية " وجهوا عنايتهم إلى عمليات التشريح وطرق استعمالها والإمعان والتفنن غيها ، رغبة فى المستكشفات الطبية الدقيقة ، وترويجا ًلقواعد التحنيط ، وغرس احترامه فى النفوس لحماية المشتغلين به . ونستدل من ذلك أن فتح الجثة المحنطة لم يكن جريمة يعاقب عليها ، كما تعتبر وسيلة علمية من جهة ، ومن جهة أخرى تقوم بواجب التعظيم لمن تحنط أجسامهم على سبيل التكريم (10) . ومما يشهد على ممارسة التشريح عند المصريين كذلك تأليف كتاب فى التشريح فى عهد الملك الفرعوني " تناخوا " وجددت كتابته فى عهد الملك الفرعوني " رمسيس الثاني " ( 15ق – م ) (11) .
أما البابليون فقد عرفوا التشريح سواء أكان على الإنسان أم الحيوان ، إلا انه كان يقوم على أسس بدائية غير صحيحة (12) . وذلك من خلال معرفتهم لبعض أعضاء الجسم الداخلية نتيجة تقطيعهم للحيوانات التى كانت تذبح إرضاءً للإله، أو لإطعام الناس ، أو نتيجة للحروب التى كانت تسفر عن مقتل عدد من الجند والناس فيعمدون إلى تشريحهم ( 13) .
وفى اليونان برز عدد من الأطباء الذين قاموا بدراسة الطب على أسس علم التشريح فمنهم " أرسطو " الذى اعتمد فى آرائه التشريحية على أسلوب التشريح المقارن . لأنه كان متعمقا ً فى دراسة جسم الحيوان ، واستمر التشريح بعده زمنا ً طويلاً على الحال الذى تركه عليه أرسطو فلم يسهم من جاء بعده فى تطويره (14) . وفى العصر الهليستنى تقدم علم الطب بسرعة نظرا ً للحاجة الماسة لمعالجة الأمراض الطارئة ، التى كثرت فى المجتمعات التى تسودها حياة المدن . وقد شجع البطالمة الدراسات الطبية فى مدرسة الإسكندرية فلقد سمحوا بتشريح الحيوانات والجثث الإنسانية وأكثر من ذلك فقد كانوا يسلمون كبار المجرمين إلى الأطباء لكي يشرحوهم وهم أحياء ، هذا التشجيع جعل من التشريح علما ً مستقلا ً بذاته ، وأنهى عصر الغموض والخرافات التى كانت مقبولة من قبل أرسطو فى عام ( 285 ق –م ) (15) . لقد كان العصر الأسكندري عصر نهضة وبداية حقيقية للتشريح وأول الأسماء المشهورة التى تقابلنا فى مجال التشريح منهم من هذا العصر . هيروفيل IHerophie وآرسيسترات Erasistrate قاما بتأسيس مدرستين متنافستين بالطبع ، ولكنهما موجهتان بنفس المبادئ ونفس الأساليب ، المتمشية مع مبادئ العلم الأسكندري إذ كان اهتمامهما منصبا على معرفة جسم الإنسان بدقة وعمل كل عضو فيه حتى يتمكن من التكيف مع الاستطباب فى كل حالة مرضية فلقد أنشأ الأول علم التشريح والثاني علم وظائف الأعضاء (16) .
و " جالينوس " الذى خطا بعلم التشريح خطوات واسعة فكان أول من قرر أن الشرايين فى الحيوان الحي تحتوى على دم لا على هواء ، كما زعم " ارازستراتوس " ولكن فاته أن يذكر دورة الدم فى الأوعية التى فحصها " أبن النفيس " بعد ذلك بقرون عديدة وكان الأطباء من قبل يزعمون أن الدم يدور فى الأوردة والشرايين من الداخل إلى الخارج على نسق واحد (17) .
عُرفت مؤلفات جالينوس باسم " منتخبات الاسكندرانيين" وهى جوامع لستة عشر كتابا ً ويقول :- أبو الفرج بن هندو فى كتابه " مفتاح الطب " أن هذه الكتب هى التى اتخذها الاسكندرانيون من كتب جالينوس وعملوا لها جوامع وزعموا أنها تُغنى عن متون كتب جالينوس (18) .
وظلت مؤلفات جالينوس أهم موسوعة طبية لفترة طويلة وفى الإسكندرية فى عصرها المتأخر فى القرن السادس الميلادي تخرج الطبيب الفيلسوف سرجيوس والطبيب إينيوس الآمدى وفى أول القرن السابع الميلادي كان هناك من الأطباء بولس الاجانيطى وإهرن وكان لكتب هؤلاء العلماء تأثيرا خطيرا فى دراسات العرب الأولى (19) . وفى السنة (22ه/642 م )دخلت الجيوش الإسلامية إلى الإسكندرية بذلك تنتهي مرحلة العصر الهلينستى بمصر لتبدأ مرحلة أخرى للحضارة والعلوم وهى مرحلة الحضارة الإسلامية .
التشريح عند العرب والمسلمين
أولا التشريح عند العرب قديما ً:-
عرف علم التشريح منذ وقت مبكر ومن الدلائل التى تشير إلى ذلك :-
1 - مدرسة الأسكندرية :- حملت الأسكندرية مشعل الحضارة العلمية قرون عديدة ، وعلى الرغم من أنها امتداد للعصر الأغريقى فأن وطنها مصر ومقرّها الأسكندرية ، ولقد لعبت دورا ً مهما ً فى نقل التراث اليونانى إلى العرب ، حيث أمتزجت بها الحضارات الشرقية القديمة ( بابلية ، آشورية ، فارسية ، وفنيقيه ) ونتج عن ذلك انبثاق حضارة شرقية رائعة للعالم ، هذا وقد استفاد العرب من العلوم التى كانت موجوده فى هذه المدرسة أثناء النهضة العلمية . ومن بينها علم التشريح (20) .
2- عرف أطباء العرب قديما ً، من الأعضاء ما هو متشابه الأجزاء . وسموها الأعضاء البسيطة . و هى ما نعرفة اليوم بالأنسجة . وعرفوا الأعضاء المركبة مثل اليد التى تجمع عددا ًمن الأنسجة المختلفة ، وفرقوا بين الأعصاب الحركية والحسية ، وعرفوا الاوتار والاربطة والدماغ ، وفرقوا بين الأعصاب والأوتار فى مثل اصابات الرسغ . وهو تفريق مهم ولا يزال رأيهم فيه صحيحا ً (21) .
3- كما عرف الأطباء القدماء عن طريق التشريح وظائف الأعضاء فى جسم الإنسان ، وذكروا أن أجسام البشر تشتمل على سوائل مهمه جدا ً كالدم والبلغم والمخاط (22).
4- كما يبدو أن العرب كانت لديهم المبادئ التشريحية البسيطة خلال العهد الراشدى . ومما يدل على ذلك ما ذكره " ياقوت الحموي " فى أثناء حديثه عن حادثة اغتيال سيدنا " على رضى الله عنه " قال إنه لما جرح على ابن ابى طالب وجمع له الأطباء لما ضربه عبد الرحمان بن ملجم ، وكان أبصرهم بالطب أثير بن عمرو السكونى الكوفى المعروف " بابن عُمريا" أخذ " أثير " رئة شاة حارة فتتبع عرقا ً فيها ، فاستخرجه وأدخله فى جرح الأمام على رضى الله عنه ثم نفخ فى العرق واستخرجه فإذا عليه بياض الدماغ ، إذ إن الضربه وصلت إلى أم الرأس (23).
هذا يدل على التمرس والدرايه الكافية باعضاء جسم الإنسان الداخلية التى تكون أكسبها عن طريق التشريح . كما لو نظرنا إلى فائدة الحجامة والفصد والعروق التى تفصد من الناحية التشريحية ، والتى مارسها العرب بشكل واسع منذ وقت مبكر ، لأدركنا أن الأطباء العرب كانت لهم بعض المعلومات الجيدة فى هذا المجال .فقد عرفوا منذ القديم عدد العروق المتواجدة فى جسم الإنسان والتى عادة ما تفيد لعلاج بعض الأمراض . ووصفوها وصفا ً جيدا ً ومن ذلك قوله ،،، القيفال والأكحل والباسليق ، وهو عند الرفق من البدن ناحية الإبط والقيفال(24) من الجانب الوحشي ويمشي إلى البدن ناحية الكف ، أما الأكحل فإنه شعبة متوسطة بين القيفال والباسليق وحبل الذراع ، وهو الزند االأعلى من اليدين ، والإسليم مكانة فى ظهر الكتف مع الخنصر والبنصر ، والصافن (25) مكانه على الكتف الأيسر .
أما عرق النسا فعند الكعب من الجانب الوحشى ، وعرق الجبهه وهو المنتصب فى وسط الجبهه. وهو عرق الغضب . والأخذعان العرقان اللذان يكونان على الصدغين والودجين والعنق وعرقان تحت اللسان هما الضفدعان ويسميان أيضاً الحالبين . أما منافعهما .فيفصد القيفال للمعدة لأنه يخفف الدم من فوق التراقى، وفصد الباسليق يفيد فى جذب الدم الردئ من الصدر والبطن ، وأما الاكحل جذب الدم من البطن ، وأما الاكحل منفعة للكلى والأرحام ، ومنفعة عرق النسا الورك إلى القدم . ومنفعة لأسليم الأيمن من الكبد والأيسر للحال، ومنفعة عرق الودجين من ضيق النفس ، أما تحت اللسان فللحوانيق ، أما عرق الجبهه فمن وجع العينين لاسيما إذا حدث من مرض صعب ، وأما الصدغان فللصداع والشقيقة (26) .
ثانيا ً علم التشريح فى المؤلفات العربية :-
أ- فى كتب اللغة :-اهتم اللغويون الاقدمون بموضوع الإنسان فألفوا الرسائل فى أسماء أعضائه وتبينوا الصفات المختلفة التى تعترى هذه الأعضاء واهتمامهم بالإنسان الذى ظهر من خلال تآليفهم اللغويه يشبه اهتمامهم بالحيوان . فقد ذكروا فى مؤلفاتهم الألفاظ الدالة على كل جزء صغير أو كبير فى جسم الإنسان وفى جسم الحيوان ، وربما سبقت عنايتهم بالحيوان على اختلاف أنواعة فى هذا الشكل من التأليف ، فقد ألفوا فى الحشرات ، وفى الخيل والابل والوحش . وكتب التراجم تشير إلى عدد مما كتب فى هذا المجال فمن ذلك ما نجده عند " أبى عبيدة " مثلا ً فى وصف جسم الحصان حيث يقول فى وصف عنقه عُرفه وشكيرةهوعُرشاه وعلباواه وصليفه ولد يداه ودايانه ونخاعه وخرزته ومذمره وخششاواه ومذمره ولباه ، وسالفاه ومذبحه وحجرته وشواربه وبلعومه ومريئه وقصرته وجرانه ودسيعه ولبانه . فإما عرفه فما نبت من الشعر أعلى عنقه ما بين منسجه وقذاله يقال للمعرف السبب ، وكما وصفوا الحارك والكتفين والصدر والقوائم الاماميه فى الخيل فقال فالحارك يسمى الغارب وتسميه العرب الكاهل ومركزه بين الظهر والعنق وهو ملتقى لوحتى الكتفين ومرتفع نتوءات بعض الفقرات الظهرية ، ويستحب فى الغارب أو لحارك بروزه أو أرتفاعه وشدته وخلوه من الدهن (27) .
ووصف علماء اللغة عظام القوائم التى لا ترى بالعين فى قولهم وعن الفصل الوظيف والرسغ والحافر . يتركب من ثلاثة عظام تسمى السلاميات متصلة ببعضها من الأعلى إلى الأسفل بمفاصل ، ويسمى السلامى الأول . والذى يليه السلامى الثانى والأخير السلامى الثالث ، السلاميات تقابل عظام الاصابع عند الإنسان . واتصالها يكون على الوجه التالى يصل الطرف العلوى من السلامى الأول ( وهو أعلى السلاميات ) بالوظيف من الأعلى ويسمى موضع اتصالها مفصل الزر . كما أن طرفه السفلى يتصل بالطرف العلوى من السلامى الثانى من الأسفل . ويسمى موضع اتصالها " مفصل الاكليل " ويتصل الطرف السفلى من السلامى الثانى بالطرف العلوى الثالث والعظم الزورفى من الخلف ويسمى موضع اتصالها مفصل التاجى . يتألف الرسغ من السلامى الأول وقسم من السلامى الثانى . أما القسم الثانى من السلامى الثالث كله فيكونان فى داخل علبة الحافر (28) .
وأول كتاب فى خلق الإنسان هو كتاب ابى مالك بن عمرو . ابن كركرة ثم تناوله النضر بن شميل 204 ه وأبو عمرو الشيبانى 206 ه ثم عرض الموضوع قطرب وهولقب محمد بن المستنير 206 ه والمفضل بن سلمة 208 ه وأبو عبيدة وهو معمر بن المثنى 210 ه والأصمعى216ه وأبو زيد الأنصارى 215 ه وأبو زيد الكلابى 215 ه وابو عثمان سعدان بن المبارك الضرير تلميذ أبى عبيدة . ونصر بن يوسف صاحب الكسائى . وأبن الاعرابى وأبو مسلم الشيبانى 245 ه ومحمد بن حبيب 245 ه وأبو حاتم السجستانى 255 ه وأبو محمد ثابت بن أبى ثابت وراق أبى عبيدة وابن قتيبة 276 ه والحسن بن عبد الله الكده (29) .
واستمر اللغويون فى التأليف بهذا الموضوع طوال القرن الرابع والقرن الخامس الهجريين والقرون المتأخرة . فقد كتب فيه أبو محمد القاسم بن الانبارى 304 ه وأبو موسى الحامض 305 ه وأبو إسحاق الزجاج 311 ه وداوود بن الهيثم المتوفى306 ه ومحمد بن أحمد الؤشاء 325 ه ومحمد بن القاسم لانبارى 328 ه وأبو على القالى 356 ه وأحمد بن فارس 395 ه والصغانى 650 ه وآخرون كثيرون وربما كان آخر من كتب فى هذا الموضوع السيوطى الذى استوعب الكثير مما صنفه الأوائل ورتبه وسماه " غاية الاحسان فى خلق الإنسان " (30) . وللأسف فقد ضاع معظم هذه الصفات ولم يصل إلينا منها إلا القليل . ومن أول ما وصل إلينا منها كتاب الأصمعى " خلق الإنسان " الذى ينقسم إلى ثلاثة أقسام . مقدمة عرض فيها مسائل عامة كالولادة والحمل والسن ، ثم تناول الوصف العام للإنسان ، ثم فصل أجزاءه مبتدئا بالرأس حتى أخمس القدم ، مشيرا الى صفات الاعضاء ، ثم ختم موضوعه بخاتمة عرض فيها للاوصاف الخلقية و الخلقية العامة ، و اكثر فيه من الشواهد الشعرية و الأمثال . (31)
وخصص ابن قتيبة فصلين من كتابه "أدب الكاتب " لعيوب الانسان و أمراضه ، و الفروق بين الالفاظ التى يظنها الناس من باب المترادف مما يتعلق بخلق الانسان (32)
و لقد شغل موضوع "خلق الإنسان" السفر الأول و جزء مهم من السفر الثانى من " مخصص " ابن سيده و الذى سار فيه على نهج الأصمعى (33)
سأذكر فى هذا المقام بعض النماذج التى ذكرها ابو اسحاق الزجاج :
فى كتابه " خلق الإنسان " يبدو ان الزجاج قد أفاد من " الأصمعى " كما أفاد من غيره ، الا أنه لم يعن " كالأصمعى " بالشواهد الشعرية الكثيرة ، و قصر كتابه على موضوع خلق الأنسان فذكر الأبواب التى أغفلها الأصمعى وهى باب الأذن و صفاتها ، و باب الأست و باب الفرج كما جاء بفوائد أخرى لم تكن فى كتاب ، حيث ذكر الزجاج فى كتابه هذا مفردات تشريحية مما يدل على دراية العلماء العرب بهذا العلم و شيوعه بين عامتهم ، و ليس بين خاصتهم فقط فنجد الزجاج مثلا : يصف الرأس بقوله : أعلى الرأس كله يقال له القلة ، العلاوة و الذؤابة و اليافوخ ، و هو من الرأس الموضع الذى لا يلتئم من الصبى الا بعد سنين ، او لا يشتبك بعضه ببعض ، و هو حيث التقى عظم مقدم الرأس و مؤخرته و يسمى ذلك من الصبى الرماغة ، و يسميها بعض العرب النمعة ( الذمعة ) ، و عظم الرأس الذى فيه الدماغ يقا له: الجمجمة ، و فى الجمجمة القبائل و هى أربع قطع مشعوب بعضها ببعض و يقال لها : الشؤون و الواحد شأن ، و يقال : ان الدمع يجرى منها ، و هذه تسمى الغاذية ( الغدة ) و فى الرأس الفراش و هى العظام الرقاق يركب بعضها بعضا فى أعالى الأنف، و فى الرأس القمحدوة و هى الحرف الناشز فوق القفا ، خرف القمحدوة يقال له الفأس (34)
و قالوا فى بطن الإنسان " و فى البطن الكبد ، و فى البد الزائدة و هى قطيعة معلقة فيها الكبد ، و فى البد عمودها ، و هو المشرف فى وسطها ، و فى البد القصب و هى التى تتفرق فيها ، و فى البطن الطحال ، و هى لاصقة بالأضلاع مما يلى الجانب الأيسر ، و فى البطن المعدة ، و هى من الإنسان بمنزلة الكرش من الشاة، و هى أم الطعام ، و أول ما يقع الطعام فيها ، ثم تؤديه الى الأمعاء ، و فى البطن الحشى و هى جميع مواضع الطعام ، و فيه الأعفاج و الأفتاب و اليها يصير الطعام بعد المعدة و هى أسفل الأمعاء يسمى القصب و فى البطن الرئة و تسمى السحر، و فى البطن الحوايا، و هى اسم الجمع ما تحوى الأمعاء، أى استدارة و فى البطن ، الكليتان ، و الواحد كلية و فى الكليتين عرقان يقال لهما الحالبان . و فى البطن السرة و السرة هو ما تقطعه القابلة " ( 35)
مع أن هذه النصوص تدخل فى فقه اللغة، و المسميات التى وردت فى كتب اللغة لأجزاءالأنسان انما هى مسميات عربية خالية من العجمةإلا أن ورودها فى كتب اللغة بهذه الدقة و التفصيل الشديد دليل على معرفة العلماء بهذه الأجزاء، اذ لولا معرفتهم بها لما وجدت فى كتب اللغة .
مما يشهد على تلك المعرفة السابقة عند العرب الكثير من المسميات فهم عندما نقلوا عن غيرهم ، لم ينقلوا سوى الأسماء و المصطلحات التى لم يكونوا يعرفونها. فنقلوها باسمائها الأعجمية مثل الجغرافيا و الاسطرلاب ........الخ ، وهذا نظير ما حدث معنا فى العصر الحديث فقد نقلنا اسماء المخترعات عن غيرنا باسمائها الأجنبية، مثل تلفون و كمبيوتر و ماكرافون ،ان هذه المصطلحات قد عربت فيما بعد و بدأت تأخذ مكانها فى الاستخدام .هذا ما كان عليه العلماء المسلمون الذين نقلوا العلوم المختلفة من غيرهم من الأمم ، فقد ترجموا كل ما استطاعوا ترجمته ، و ما عجزوا عنه أبقوه بلغته الأصلية . من هنا دخل الكثير من المصطلحات و الأسماء الأجنبية الى اللسان العربى .
وكما نلاحظ ان معظم المعاجم التى تناولت كلمتى شرح و تشريح ركزت على مصطلحات التبين و الكشف و مشتقاتها ،أما ما يخص علم التشريح فقد ركزت على ما فيه من الفوائد الجمة لمن مارسه ، كان فى ذكر تلك الفوائد اعلانا عن مشروعية التشريح ، لأن علما له هذه المزايا يكون مباحا و ليس واجبا (36)
الأدب:
من أمثلة ما ورد فى كتب الأدب من مفردات تشريحية ما جاء فى حكايات " ألف ليلة و ليلة " فى قصة الجارية " تودد " التى عرضت على الخليفة "هارون الرشيد " بثمن باهظ ، لأنها تتصف بدرجة كبيرة من الذكاء الى جانب الجمال ، فأراد الرشيد امتحانها فكلف بذلك بعض العلماء ، و كان من بين الأسئلةالتى عرضت عليها أسئلة طبية تشريحية، فأجابت عن كيفية خلق الله الإنسان ، و كم فى جسده من عروق ، و كم عظمة فى فقراته و أين أول العروق ؟ خلق الله للإنسان سبعة أبواب فى رأسه ،وهى العينان حاسة البصر و الأذنان وهى حاسة السمع و المنخران و هى حاسة الشم و الفم حاسة الذوق و جعل اللسان ينطق بما فى ضمير الأنسان، و خلق فى الأنسان ثلاثمائة و ستين عرقا و مائتين و أربعين عظما .......و خلق له قلبا و طحالاو رئة و أمعاء........ و جعل الرئة مروحة للقلب ، و جعل الكبد فى الجانب الأيمن محاذية للقلب ، و خلق ما دون ذلك من الحجاب و الأمعاء و ركب ترائب الصدر و شبكها بالاضلاع .... و جعل فى الرأس ثلاثة بطون و هى تشتمل على خمس قوى تسمى الحواس الباطنية ، و هى الحس المشترك و الخيال و المتصرفة و الواهمية و الحافظة (37)
و مما كتب فى العلوم الطبية و بينها علم التشريح فى كتب الأدب ، مسرحية نثرية اسماها " القلقشندى " المفاخر بين العلوم ، قدمها قاضى القضاة شيخ الإسلام " جلال الدين البلقينى " ذكر فيها نيفا و سبعين علما شخص فيها هذه العلوم فى يوم المفاخرة بين العلوم المختلفة . و علم الطب أحد هذه العلوم .. فقد انبرى للقول بعد علم الموسيقا ، فهاجمه و بين بعض مثالبه ، ثم قال : و أنى تنبسط بك الروح مع وجود السقم ، أو يستريح اليك القلب مع شدة مقاساة الالم ، بل أنا قوام الأبدان و غاية ملاك الإنسان بى تحفظ الأجسام و تتمكن النفس من استكمال قوتها النظرية و العملية بواسطة زوال الأسقام ، و انتقاء الألأم، مع ما يتضح من التشريح الذى هو أحد أنواعى من سر قوله تعالى : و فى أنفسكم أفلا تبصرون (38) و ما يظهر من حالة الصحة و المرض و سر الموت .
و من الكتب الأدبية الفلسفية أيضا التى تناولت هذا الموضوع رسالة " حى بنى يقظان " التى شهدت لمؤلفها (39) ببراعة فى تشريح الأجسام الميتة و الحية للحيوانات لمعرفة موطن الحياة . فقام بتشريح ظبية ميتة ، حيث أخذ يقلب جسمها حتى وصل الكبد الذى عرفه بانه العضو الذى يكون فيه الغذاء ، ثم وصل الى الرئتين ، فأخذ يقلبهما حتى وصل الى موطن القلب فرأى القلب ساكنا لا حركة فيه فشرحه فوجد فيه تجو يفين أثنين : أحدهما من الجهة اليمنى و الآخر من الجهة اليسرى ، و الذى من الجهة اليمنى مملوء بعلق منعقد ، و الذى من الجهة اليسرى قال : لا شئ فيه فقال : ربما يكون مطلبى ، فربما يكون مسكن الروح و لمعرفة ذلك قام بتشريح ظبية حية ، قام بتشريحها - كما نشرح اليوم الضفدعة فى المحتبرات المدرسية لنشاهد حركة قلبها – و كرر هذه العملية عدة مرات على الحيوانات التى كان يصطادها ، فوصل الى آلية عملية ، بها تسكن الروح ، بعد ان لاحظ خروج بحار أبيض من القلب ، فأصبح لديه يقين بان هذا البخار هو الروح (40 )
و هذه القصة و ان كانت أدبية فلسفية الا اننا نجد مؤلفها مارس التشريح فى عام (581 ه / 1185 م ) لمعرفة بعض الأشياء التى يجب أن يتعرف عليها
و من الكتب العلمية الأدبية التى تناولت علم التشريح كتاب " عجائب المخلوقات و غرائب الموجودات " للقزوينى حيث ورد فيه تشريح لجسم الأنسان عضوا عضوا ، فقد ذكر المؤلف فيه بالتفصيل و ظيفة العين و العصب البصرى و كيفية الإبصار و العضلات المحركة للعين و الجفون و الأهداب ، كما وصف وصفا تشريحيا للأنف و الأذن و الشفتين و الفم ، و تحدث عن الشعر و اللحية ، كما تحدث عن تشريح العنق و المرئ و القصبة الهوائية ، و تناول وظيفة القفص لصدرى و الاضلاع و اليدين و العمود الفقرى و الساقين . كما ذكر تشريح الأجزاء الداخلية فى جسم الأنسان ، ووصف الدماغ و القلب و الكبد و القناة الصفراوية و المرارة و المعدة و الكلية (41)
أما اللحم فهو جسم حار رطب فى كسو العظام ، فيستقيم الإنسان . و الشرايين جداول مضاعفة الجدران تنتشر فى كل الثرأب و هو الشحم الرقيق من حرارة المعدة و يسهل انبساطها عند امتلائها بالطعام . أما الجلد فهو جسم مركب من الأعصاب و الاربطة و الشعر و العروق . و الغضروف جسم يقع بين اللحم و العظم و يساعد فى الحركة و الاحتكاك .و هناك الأربطة التى تربط بين العظام ، و هى تشبه الأعصاب فى شكلها .
أما الشحم : فهو جسم حار لطيف فى أطراف العضلات و الأعصاب ، و الأوردة التى تشبه الشرايين و الغشاء الذى هو نسيج ليفى يحيط بكل الأعضاء الداخلية .
و المخ فهو جسم مناسب يتواجد فى تجويف العظام ، و هو الذى تطلق عليه اليوم علميا نقى العظام (42 )
هذه النصوص الأدبية الفلسفية و الأدبية العلمية ، تدل على معرفة الأدباء و العلماء المسلمين على اختلاف تخصصاتهم بعلم التشريح و ممارسته عند الحاجة اليه ، كما أن هذا الأمر يوضح لنا انه لم يكن من اختصاص الأطباء فقط ، بل أنه معروف لدى الخاص و العام من العلماء المسلمين . و أخيرا لا ننسى قول الفيلسوف المعرى : عجبى للطبيب يجحد بالخالق من بعد دراسة التشريح (43 )
قائمة الهوامش
(1) حاجى خليفة ، كشف الظنون ، دار المثنى ( بغداد ، د،ت ) 1 / 408
(2) أنيس مصطفى ، ابراهيم ، و أخرون : المعجم الوسيط ، دار الفكز (بيروت ، د – ت )1/ 480
(3) معجم المنجد الأبجدى ، دار الشرق (بيروت ، 1962 ) ص254
(4) كمى ، عبد المجيد : علم التشريح و الإسلام _رسالة ماجستير نوقشت بكلية الطب بجامعة محمد الحامس – الرباط (سنة 1986 لم تطبع )ص 16
(5) كمى ، المرجع نفسه ، ص 17
(6) كمى ، المرجع نفسه ص 12
(7) شافعى بك ، محمد زكى : دليل الطب الشرعى ، الجمعية المصرية للأصلاحات و الدعاية الصحية ( القاهرة ، د – ت ) ص 10
(8) شكر ، قناديل : موقف الدين من التشريح ، مجلة الدراسات ، تصدرعن ا لجامعة الاردنية ، مطبعة المتحدة – المجلد 6 عدد 1 (بيروت 1979 ) ص 12
(9) المرجع نفسه ، ص 14
(10) جبار ، و لويس ريمر : صفحات من تاريخ مصر الفرعونية – الطب و التحنيط فى عهد الفراعنة ، ترجمة : أنطوان ذكرى ، مكتبة مدبولى (القاهرة ، 1996 ) ص 37
(11) جرجى زيدان : تاريخ اللغة العربية من أقدم أزماتها الى النهضة العربية فى العصر العباسى – مجلة الهلال مطبعة التاليف ا لسنة الثانية ( بيروت ، 1895 ) 6 / 205
(12) عطيو، حربى ، عباس ،حسان حلاق : العلوم عند العرب أصولها و ملامحها الحضارية – دار النهضة العربية (بيروت ، 1995 ) ص 28
(13) حلاق حسان : مقدمة فى تاريخ العلوم و التكنولوجيا فى الشرق الادنى القديم ، ص 16 -17
(14) فروخ : تاريخ العلوم عند العرب ، ص 159
(15) عطيو : العلوم عند العرب ، ص 285
(16) العابد : برهان – مختارات من تاريخ الطب – مطبعة الاتحاد – دمشق 1990 ، ص 22
(17) بلدى : تمهيد لتاريخ الاسكندرية ، ص 40 = كذلك أنظر تاتون : موسوعة تاريخ العلوم العام ، ص 39
(18) بطرس البستانى : دائرة المعارف ، 6 / 134
(19) ابن أبىأصيبعة ، 2 / 238
(20) بدوى ، عبد الرحمن : دراسات و نصوص فى الفلسفة و العلوم عند العرب ، ص 149
(21) منتصر : تاريخ العلم ، ص 6 كذلك أنظر ، الشطى : تاريخ الطب و أعلامه ، ص 78
(22) حسين كامل : الموجز فى تاريخ الطب و الصيدلة عند العرب (الجامعة الليبية – بنغازى ) ص 44
(23) حلاق :حسين ، مقدمة فى تاريخ العلوم ، ص 21
(24) معجم البلدان ، 1 / 93
(25) ابن الازرق ، أبراهيم عبد الرحمن بو بكر : تسهيل المنافع فى الطب و الحكمة ، دار الجمل ( القاهرة ، 1972 ) ص 50
(26) أبى عبيدة : معمر بن المثنى – كتاب الخيل – بمطبعة- دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد (الهند ، 1358 ه ) ص 23 -24
(27) السامرائى ، أبراهيم : كتاب الآنسان للزجاج – مجلة المجمع العلمى العراقى – المجلد السابع (بغداد ، 1961 ) ص 107
(28) المرجع نفسه ، ص 108
(29) السامرائى : المرجع السابق ،ص 109
(30) المرجع نفسه ، ص 110
(31) الأرضروملى ، قدرى : الخيل العراب و فضلها على الأنسال العالمية – دار العربية ( بغداد ، دون تاريخ ) ص 45
(32) أدب الكاتب ، لابن قتيبة، تحقيق محمد محى الدين ، عبد الحميد ، دار السعادة ( القاهرة ، 1963 ) ص 101 – 120
(33) السامرائى : كتاب خلق الأنسان للزجاج ، ص 108
(34) كمى : علم التشريح و الاسلام ص 16
(35) الف ليلة و ليلة ، مطبعة مصطفى البانى ( القاهرة ، 1960 م ) 2 / 341
(36) سورة المؤمنين ، الأية 12
(37) صبح الأعشى فى صناعة الأنشا ، 14 / 211
(38) بن طفيل ، أبوبكر : تحقيق البير نصرى نادر ، دار الشرق ( بيروت ، 1986 ) ، ص 39 . انظر كدل داهش ، أنس على : ظواهر الحقائق العلمية فى رسالة حى بن يقظان لابن طفيل ، مجلة الموصل ، دار الكتب ، العدد الاول (الموصل . 1977 ) ص 52 =كذلك فروخ ،عبقرية العرب . ص 124
(39) القزوينى ، أبو عبيدة بن محمد : ضمن كتاب حياة الحيوان الكبرى ، لصاحبه كمال الدميرى ، دار الفكر (بيروت ،د ،ت )2 / 109 – 117 =أنظر كذلك كتاب البغدادى ، أسماعيل باشا : هدية العرفين اسماء المؤلفين و آثار المصنفين ، دار المثنى (بيروت ، د ، ت ) 1 / 373
(40) المصدر نفسه ،2 / 117
(41) مصطفى ، العانى : الطب بين التراث و المعاصرة ، مجلة المورد (العراق ، 1978 ) ص
يحاول الباحث هنا أن يهتم بجانب من التراث الطبي الإسلامي وهذا فى الحقيقة يعنى التاريخ له وللمرحلة التى نشأ فيها وإبراز الاكتشافات العلمية التى أسهم بها الأطباء المسلمون فى بناء الحضارة الإنسانية وتطور العلوم البشرية ، ولكن الباحث لا يُخفى خشيته من الخوض فى التاريخ العام للطب الإسلامي ومن تعداد مآثر الأطباء المسلمين ، لأن ذلك قد يوقعنا فى تكرار حقائق علمية أصبحت اليوم معلومات متعارف عليها . لذلك رأينا أن نقتصر على جانب واحد لم ينل حظه من الدرس ولم يعن به الدارسون عناية خاصة ونعنى به تاريخ علم التشريح عند المسلمين .
أولا ً الحديث عن هذا العلم نحاول أن نلقى الضوء على التطور التاريخي لعلم التشريح عند العرب المسلمين وما أنجزته العقلية العربية فى هذا الحقل فى الحقبة التاريخية التى تبدأ من القرن الثالث الهجري إلى القرن السابع الهجري إذا لم ينل هذا الموضوع ما يستحقه من عناية واهتمام كبيرين من قبل الباحثين فى التاريخ الحضاري العربي الإسلامي فى قرونه المتعاقبة الطويلة .
وإذا كانت جمهرة منهم قد كشف أطرافا ًمعينة من هذه العلوم فإن بعض جوانبها ما زال غامضا لم يسجل تسجيلا كاملا أو يكاد ومن هذا تجئ أهمية هذا البحث الذى بين أيدينا .
إذ يحاول الباحث أن يستقصى بروح علمية وأكاديمية مجتهدة فى الوصول إلى أعماق هذا التاريخ وأصوله لبيان دور العرب المسلمين الفعال فى اكتشافاتهم وتطورهم وأثرهم الكبير فى النهضة العلمية على العلم وفى العصور الوسطي .
تعريف علم التشريح :-
ويًعرف علم التشريح بأنه :- علم باحث عن كيفية أجزاء البدن وترتيبها من العروق والأعصاب والغضاريف والعظام واللحم وغيرها من أحوال كل عضو (1) وجاء فى " المعجم الوسيط " بأنه العلم الذى يبحث فى تركيب الأجسام العضوية بتقطيعها وفحصها (2) وفى " معجم المنجد الأبجدي " أنه العلم الذى يدرس تقطيع جثة الميت والبحث والوقوف على كيفية تركيبها وما فيها من علل (3) .
ومن هذا نلاحظ أن مادة (شرح) فى معاجم اللغة قد تطورت مدلولاتها من مجرد كلمة ينطقها العامة ، كما فى معاجم اللغة القديمة ، إلى مصطلح له دلالة علمية . وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على تقدم العرب فى ميدان الطب والجراحة .
وأما علم التشريح فى المعاجم المتخصصة فقد عرفه :- كتاب Traite d anatomie بأنه العلم الذى يهتم بدراسة تكوين الكائنات المركبة وعلم التشريح البشرى ، هو الشعبة التى تهتم بدراسة جسم الإنسان (4) .
ويقول " فير سال " فى تمهيده لكتاب " دوفيركا " أن علم التشريح يجب أن يكون القاعدة الوحيدة على الإطلاق لكل فنون الطب وعمدتها الأساسية (5) .
أما أقسام علم التشريح :-
يمكننا تصنيف علم التشريح وميادين ممارسته إلى ثلاثة أصناف هى :-
1- علم التشريح البياني أو الو صفى :-وهو العلم الذى يهتم بدراسة مختلف الأعضاء و الأجهزة التى يتركب منها جسم الإنسان . وهو أكبر شعب هذا العلم وأوسعها .
2- علم التشريح الخارجي :- وهو العلم الذى يعنى بدراسة علاقة الأعضاء فيما بينها وأقسامها أو انعكاسها على الهيكل العظمى .
3- علم التشريح المقارن :-وهو العلم الذى يعنى بدراسة التحولات المتتالية التى تحدث فى الكائنات الحية والاختلافات الموجودة بينها من ناحية تركيب الأعضاء المكونة للأجهزة من ناحية أخرى .
ومع تطور العلوم ظهرت التخصصات الدقيقة الأخرى فمنها :-
أ- علم التشريح البنيوى أو النسيجي : وهو العلم الذى يدرس التكوين الدقيق لمختلف الأعضاء وأنسجتها .
ب- علم التشريح غير العادي : ويضمن دراسة تشريح العاهات الخلقية (6) .
أغراض التشريح :- هناك عدة أغراض يتم من أجلها علم التشريح وهى :-
1- الغرض التعليمي .
2- غرض تشخيص الأمراض .
3- غرض الكشف عن سبب الوفاة .
من أغراض التشريح كذلك معرفة أسباب الوفاة المشتبه فيها . مثل حوادث القتل أو التسمم أوغيرها من الأسباب . ولمعرفة سبب الوفاة يُكلف الطبيب بتشريح الجثة للوقوف على السبب الحقيقي للوفاة (7) .
التشريح عند الشعوب القديمة :-
أثبتت الاكتشافات الأثرية سواءً فى بلدان الشرق أم الغرب أن الشعوب القديمة كانت على معرفة بعلم التشريح ، إذ تعد عملية التحنيط أول عمل تشريحي للميت ،يقوم به الإنسان ، على الرغم من أن عملية التحنيط هذه عملية تشريحية إلا أن لم يقصد منها المشاهدة والتمعن والتفكير فى تركيب جسم الإنسان وأعضائه واستخلاص الملاحظة من ذلك ، وربطها بعلم الطب ، إنما كانت تقام لمجرد حفظ جسم الإنسان لأهداف ومعتقدات دينيه محضة (8) .
ويعد المصريون أول من أجرى عملية تشريح لجثة الميت ، إذ أزالوا أعضاءه الداخلية ، ما عدا القلب ، الذى كانوا يضنونه مركز الحياة وذلك من أجل تحنيطه وحفظه ، كما يشاهد فى الموميات (9) فلقد أورد المؤرخ " ماينتون " وأيده " بلين " أن ملوك الأسرة الأولى "الفرعونية " وجهوا عنايتهم إلى عمليات التشريح وطرق استعمالها والإمعان والتفنن غيها ، رغبة فى المستكشفات الطبية الدقيقة ، وترويجا ًلقواعد التحنيط ، وغرس احترامه فى النفوس لحماية المشتغلين به . ونستدل من ذلك أن فتح الجثة المحنطة لم يكن جريمة يعاقب عليها ، كما تعتبر وسيلة علمية من جهة ، ومن جهة أخرى تقوم بواجب التعظيم لمن تحنط أجسامهم على سبيل التكريم (10) . ومما يشهد على ممارسة التشريح عند المصريين كذلك تأليف كتاب فى التشريح فى عهد الملك الفرعوني " تناخوا " وجددت كتابته فى عهد الملك الفرعوني " رمسيس الثاني " ( 15ق – م ) (11) .
أما البابليون فقد عرفوا التشريح سواء أكان على الإنسان أم الحيوان ، إلا انه كان يقوم على أسس بدائية غير صحيحة (12) . وذلك من خلال معرفتهم لبعض أعضاء الجسم الداخلية نتيجة تقطيعهم للحيوانات التى كانت تذبح إرضاءً للإله، أو لإطعام الناس ، أو نتيجة للحروب التى كانت تسفر عن مقتل عدد من الجند والناس فيعمدون إلى تشريحهم ( 13) .
وفى اليونان برز عدد من الأطباء الذين قاموا بدراسة الطب على أسس علم التشريح فمنهم " أرسطو " الذى اعتمد فى آرائه التشريحية على أسلوب التشريح المقارن . لأنه كان متعمقا ً فى دراسة جسم الحيوان ، واستمر التشريح بعده زمنا ً طويلاً على الحال الذى تركه عليه أرسطو فلم يسهم من جاء بعده فى تطويره (14) . وفى العصر الهليستنى تقدم علم الطب بسرعة نظرا ً للحاجة الماسة لمعالجة الأمراض الطارئة ، التى كثرت فى المجتمعات التى تسودها حياة المدن . وقد شجع البطالمة الدراسات الطبية فى مدرسة الإسكندرية فلقد سمحوا بتشريح الحيوانات والجثث الإنسانية وأكثر من ذلك فقد كانوا يسلمون كبار المجرمين إلى الأطباء لكي يشرحوهم وهم أحياء ، هذا التشجيع جعل من التشريح علما ً مستقلا ً بذاته ، وأنهى عصر الغموض والخرافات التى كانت مقبولة من قبل أرسطو فى عام ( 285 ق –م ) (15) . لقد كان العصر الأسكندري عصر نهضة وبداية حقيقية للتشريح وأول الأسماء المشهورة التى تقابلنا فى مجال التشريح منهم من هذا العصر . هيروفيل IHerophie وآرسيسترات Erasistrate قاما بتأسيس مدرستين متنافستين بالطبع ، ولكنهما موجهتان بنفس المبادئ ونفس الأساليب ، المتمشية مع مبادئ العلم الأسكندري إذ كان اهتمامهما منصبا على معرفة جسم الإنسان بدقة وعمل كل عضو فيه حتى يتمكن من التكيف مع الاستطباب فى كل حالة مرضية فلقد أنشأ الأول علم التشريح والثاني علم وظائف الأعضاء (16) .
و " جالينوس " الذى خطا بعلم التشريح خطوات واسعة فكان أول من قرر أن الشرايين فى الحيوان الحي تحتوى على دم لا على هواء ، كما زعم " ارازستراتوس " ولكن فاته أن يذكر دورة الدم فى الأوعية التى فحصها " أبن النفيس " بعد ذلك بقرون عديدة وكان الأطباء من قبل يزعمون أن الدم يدور فى الأوردة والشرايين من الداخل إلى الخارج على نسق واحد (17) .
عُرفت مؤلفات جالينوس باسم " منتخبات الاسكندرانيين" وهى جوامع لستة عشر كتابا ً ويقول :- أبو الفرج بن هندو فى كتابه " مفتاح الطب " أن هذه الكتب هى التى اتخذها الاسكندرانيون من كتب جالينوس وعملوا لها جوامع وزعموا أنها تُغنى عن متون كتب جالينوس (18) .
وظلت مؤلفات جالينوس أهم موسوعة طبية لفترة طويلة وفى الإسكندرية فى عصرها المتأخر فى القرن السادس الميلادي تخرج الطبيب الفيلسوف سرجيوس والطبيب إينيوس الآمدى وفى أول القرن السابع الميلادي كان هناك من الأطباء بولس الاجانيطى وإهرن وكان لكتب هؤلاء العلماء تأثيرا خطيرا فى دراسات العرب الأولى (19) . وفى السنة (22ه/642 م )دخلت الجيوش الإسلامية إلى الإسكندرية بذلك تنتهي مرحلة العصر الهلينستى بمصر لتبدأ مرحلة أخرى للحضارة والعلوم وهى مرحلة الحضارة الإسلامية .
التشريح عند العرب والمسلمين
أولا التشريح عند العرب قديما ً:-
عرف علم التشريح منذ وقت مبكر ومن الدلائل التى تشير إلى ذلك :-
1 - مدرسة الأسكندرية :- حملت الأسكندرية مشعل الحضارة العلمية قرون عديدة ، وعلى الرغم من أنها امتداد للعصر الأغريقى فأن وطنها مصر ومقرّها الأسكندرية ، ولقد لعبت دورا ً مهما ً فى نقل التراث اليونانى إلى العرب ، حيث أمتزجت بها الحضارات الشرقية القديمة ( بابلية ، آشورية ، فارسية ، وفنيقيه ) ونتج عن ذلك انبثاق حضارة شرقية رائعة للعالم ، هذا وقد استفاد العرب من العلوم التى كانت موجوده فى هذه المدرسة أثناء النهضة العلمية . ومن بينها علم التشريح (20) .
2- عرف أطباء العرب قديما ً، من الأعضاء ما هو متشابه الأجزاء . وسموها الأعضاء البسيطة . و هى ما نعرفة اليوم بالأنسجة . وعرفوا الأعضاء المركبة مثل اليد التى تجمع عددا ًمن الأنسجة المختلفة ، وفرقوا بين الأعصاب الحركية والحسية ، وعرفوا الاوتار والاربطة والدماغ ، وفرقوا بين الأعصاب والأوتار فى مثل اصابات الرسغ . وهو تفريق مهم ولا يزال رأيهم فيه صحيحا ً (21) .
3- كما عرف الأطباء القدماء عن طريق التشريح وظائف الأعضاء فى جسم الإنسان ، وذكروا أن أجسام البشر تشتمل على سوائل مهمه جدا ً كالدم والبلغم والمخاط (22).
4- كما يبدو أن العرب كانت لديهم المبادئ التشريحية البسيطة خلال العهد الراشدى . ومما يدل على ذلك ما ذكره " ياقوت الحموي " فى أثناء حديثه عن حادثة اغتيال سيدنا " على رضى الله عنه " قال إنه لما جرح على ابن ابى طالب وجمع له الأطباء لما ضربه عبد الرحمان بن ملجم ، وكان أبصرهم بالطب أثير بن عمرو السكونى الكوفى المعروف " بابن عُمريا" أخذ " أثير " رئة شاة حارة فتتبع عرقا ً فيها ، فاستخرجه وأدخله فى جرح الأمام على رضى الله عنه ثم نفخ فى العرق واستخرجه فإذا عليه بياض الدماغ ، إذ إن الضربه وصلت إلى أم الرأس (23).
هذا يدل على التمرس والدرايه الكافية باعضاء جسم الإنسان الداخلية التى تكون أكسبها عن طريق التشريح . كما لو نظرنا إلى فائدة الحجامة والفصد والعروق التى تفصد من الناحية التشريحية ، والتى مارسها العرب بشكل واسع منذ وقت مبكر ، لأدركنا أن الأطباء العرب كانت لهم بعض المعلومات الجيدة فى هذا المجال .فقد عرفوا منذ القديم عدد العروق المتواجدة فى جسم الإنسان والتى عادة ما تفيد لعلاج بعض الأمراض . ووصفوها وصفا ً جيدا ً ومن ذلك قوله ،،، القيفال والأكحل والباسليق ، وهو عند الرفق من البدن ناحية الإبط والقيفال(24) من الجانب الوحشي ويمشي إلى البدن ناحية الكف ، أما الأكحل فإنه شعبة متوسطة بين القيفال والباسليق وحبل الذراع ، وهو الزند االأعلى من اليدين ، والإسليم مكانة فى ظهر الكتف مع الخنصر والبنصر ، والصافن (25) مكانه على الكتف الأيسر .
أما عرق النسا فعند الكعب من الجانب الوحشى ، وعرق الجبهه وهو المنتصب فى وسط الجبهه. وهو عرق الغضب . والأخذعان العرقان اللذان يكونان على الصدغين والودجين والعنق وعرقان تحت اللسان هما الضفدعان ويسميان أيضاً الحالبين . أما منافعهما .فيفصد القيفال للمعدة لأنه يخفف الدم من فوق التراقى، وفصد الباسليق يفيد فى جذب الدم الردئ من الصدر والبطن ، وأما الاكحل جذب الدم من البطن ، وأما الاكحل منفعة للكلى والأرحام ، ومنفعة عرق النسا الورك إلى القدم . ومنفعة لأسليم الأيمن من الكبد والأيسر للحال، ومنفعة عرق الودجين من ضيق النفس ، أما تحت اللسان فللحوانيق ، أما عرق الجبهه فمن وجع العينين لاسيما إذا حدث من مرض صعب ، وأما الصدغان فللصداع والشقيقة (26) .
ثانيا ً علم التشريح فى المؤلفات العربية :-
أ- فى كتب اللغة :-اهتم اللغويون الاقدمون بموضوع الإنسان فألفوا الرسائل فى أسماء أعضائه وتبينوا الصفات المختلفة التى تعترى هذه الأعضاء واهتمامهم بالإنسان الذى ظهر من خلال تآليفهم اللغويه يشبه اهتمامهم بالحيوان . فقد ذكروا فى مؤلفاتهم الألفاظ الدالة على كل جزء صغير أو كبير فى جسم الإنسان وفى جسم الحيوان ، وربما سبقت عنايتهم بالحيوان على اختلاف أنواعة فى هذا الشكل من التأليف ، فقد ألفوا فى الحشرات ، وفى الخيل والابل والوحش . وكتب التراجم تشير إلى عدد مما كتب فى هذا المجال فمن ذلك ما نجده عند " أبى عبيدة " مثلا ً فى وصف جسم الحصان حيث يقول فى وصف عنقه عُرفه وشكيرةهوعُرشاه وعلباواه وصليفه ولد يداه ودايانه ونخاعه وخرزته ومذمره وخششاواه ومذمره ولباه ، وسالفاه ومذبحه وحجرته وشواربه وبلعومه ومريئه وقصرته وجرانه ودسيعه ولبانه . فإما عرفه فما نبت من الشعر أعلى عنقه ما بين منسجه وقذاله يقال للمعرف السبب ، وكما وصفوا الحارك والكتفين والصدر والقوائم الاماميه فى الخيل فقال فالحارك يسمى الغارب وتسميه العرب الكاهل ومركزه بين الظهر والعنق وهو ملتقى لوحتى الكتفين ومرتفع نتوءات بعض الفقرات الظهرية ، ويستحب فى الغارب أو لحارك بروزه أو أرتفاعه وشدته وخلوه من الدهن (27) .
ووصف علماء اللغة عظام القوائم التى لا ترى بالعين فى قولهم وعن الفصل الوظيف والرسغ والحافر . يتركب من ثلاثة عظام تسمى السلاميات متصلة ببعضها من الأعلى إلى الأسفل بمفاصل ، ويسمى السلامى الأول . والذى يليه السلامى الثانى والأخير السلامى الثالث ، السلاميات تقابل عظام الاصابع عند الإنسان . واتصالها يكون على الوجه التالى يصل الطرف العلوى من السلامى الأول ( وهو أعلى السلاميات ) بالوظيف من الأعلى ويسمى موضع اتصالها مفصل الزر . كما أن طرفه السفلى يتصل بالطرف العلوى من السلامى الثانى من الأسفل . ويسمى موضع اتصالها " مفصل الاكليل " ويتصل الطرف السفلى من السلامى الثانى بالطرف العلوى الثالث والعظم الزورفى من الخلف ويسمى موضع اتصالها مفصل التاجى . يتألف الرسغ من السلامى الأول وقسم من السلامى الثانى . أما القسم الثانى من السلامى الثالث كله فيكونان فى داخل علبة الحافر (28) .
وأول كتاب فى خلق الإنسان هو كتاب ابى مالك بن عمرو . ابن كركرة ثم تناوله النضر بن شميل 204 ه وأبو عمرو الشيبانى 206 ه ثم عرض الموضوع قطرب وهولقب محمد بن المستنير 206 ه والمفضل بن سلمة 208 ه وأبو عبيدة وهو معمر بن المثنى 210 ه والأصمعى216ه وأبو زيد الأنصارى 215 ه وأبو زيد الكلابى 215 ه وابو عثمان سعدان بن المبارك الضرير تلميذ أبى عبيدة . ونصر بن يوسف صاحب الكسائى . وأبن الاعرابى وأبو مسلم الشيبانى 245 ه ومحمد بن حبيب 245 ه وأبو حاتم السجستانى 255 ه وأبو محمد ثابت بن أبى ثابت وراق أبى عبيدة وابن قتيبة 276 ه والحسن بن عبد الله الكده (29) .
واستمر اللغويون فى التأليف بهذا الموضوع طوال القرن الرابع والقرن الخامس الهجريين والقرون المتأخرة . فقد كتب فيه أبو محمد القاسم بن الانبارى 304 ه وأبو موسى الحامض 305 ه وأبو إسحاق الزجاج 311 ه وداوود بن الهيثم المتوفى306 ه ومحمد بن أحمد الؤشاء 325 ه ومحمد بن القاسم لانبارى 328 ه وأبو على القالى 356 ه وأحمد بن فارس 395 ه والصغانى 650 ه وآخرون كثيرون وربما كان آخر من كتب فى هذا الموضوع السيوطى الذى استوعب الكثير مما صنفه الأوائل ورتبه وسماه " غاية الاحسان فى خلق الإنسان " (30) . وللأسف فقد ضاع معظم هذه الصفات ولم يصل إلينا منها إلا القليل . ومن أول ما وصل إلينا منها كتاب الأصمعى " خلق الإنسان " الذى ينقسم إلى ثلاثة أقسام . مقدمة عرض فيها مسائل عامة كالولادة والحمل والسن ، ثم تناول الوصف العام للإنسان ، ثم فصل أجزاءه مبتدئا بالرأس حتى أخمس القدم ، مشيرا الى صفات الاعضاء ، ثم ختم موضوعه بخاتمة عرض فيها للاوصاف الخلقية و الخلقية العامة ، و اكثر فيه من الشواهد الشعرية و الأمثال . (31)
وخصص ابن قتيبة فصلين من كتابه "أدب الكاتب " لعيوب الانسان و أمراضه ، و الفروق بين الالفاظ التى يظنها الناس من باب المترادف مما يتعلق بخلق الانسان (32)
و لقد شغل موضوع "خلق الإنسان" السفر الأول و جزء مهم من السفر الثانى من " مخصص " ابن سيده و الذى سار فيه على نهج الأصمعى (33)
سأذكر فى هذا المقام بعض النماذج التى ذكرها ابو اسحاق الزجاج :
فى كتابه " خلق الإنسان " يبدو ان الزجاج قد أفاد من " الأصمعى " كما أفاد من غيره ، الا أنه لم يعن " كالأصمعى " بالشواهد الشعرية الكثيرة ، و قصر كتابه على موضوع خلق الأنسان فذكر الأبواب التى أغفلها الأصمعى وهى باب الأذن و صفاتها ، و باب الأست و باب الفرج كما جاء بفوائد أخرى لم تكن فى كتاب ، حيث ذكر الزجاج فى كتابه هذا مفردات تشريحية مما يدل على دراية العلماء العرب بهذا العلم و شيوعه بين عامتهم ، و ليس بين خاصتهم فقط فنجد الزجاج مثلا : يصف الرأس بقوله : أعلى الرأس كله يقال له القلة ، العلاوة و الذؤابة و اليافوخ ، و هو من الرأس الموضع الذى لا يلتئم من الصبى الا بعد سنين ، او لا يشتبك بعضه ببعض ، و هو حيث التقى عظم مقدم الرأس و مؤخرته و يسمى ذلك من الصبى الرماغة ، و يسميها بعض العرب النمعة ( الذمعة ) ، و عظم الرأس الذى فيه الدماغ يقا له: الجمجمة ، و فى الجمجمة القبائل و هى أربع قطع مشعوب بعضها ببعض و يقال لها : الشؤون و الواحد شأن ، و يقال : ان الدمع يجرى منها ، و هذه تسمى الغاذية ( الغدة ) و فى الرأس الفراش و هى العظام الرقاق يركب بعضها بعضا فى أعالى الأنف، و فى الرأس القمحدوة و هى الحرف الناشز فوق القفا ، خرف القمحدوة يقال له الفأس (34)
و قالوا فى بطن الإنسان " و فى البطن الكبد ، و فى البد الزائدة و هى قطيعة معلقة فيها الكبد ، و فى البد عمودها ، و هو المشرف فى وسطها ، و فى البد القصب و هى التى تتفرق فيها ، و فى البطن الطحال ، و هى لاصقة بالأضلاع مما يلى الجانب الأيسر ، و فى البطن المعدة ، و هى من الإنسان بمنزلة الكرش من الشاة، و هى أم الطعام ، و أول ما يقع الطعام فيها ، ثم تؤديه الى الأمعاء ، و فى البطن الحشى و هى جميع مواضع الطعام ، و فيه الأعفاج و الأفتاب و اليها يصير الطعام بعد المعدة و هى أسفل الأمعاء يسمى القصب و فى البطن الرئة و تسمى السحر، و فى البطن الحوايا، و هى اسم الجمع ما تحوى الأمعاء، أى استدارة و فى البطن ، الكليتان ، و الواحد كلية و فى الكليتين عرقان يقال لهما الحالبان . و فى البطن السرة و السرة هو ما تقطعه القابلة " ( 35)
مع أن هذه النصوص تدخل فى فقه اللغة، و المسميات التى وردت فى كتب اللغة لأجزاءالأنسان انما هى مسميات عربية خالية من العجمةإلا أن ورودها فى كتب اللغة بهذه الدقة و التفصيل الشديد دليل على معرفة العلماء بهذه الأجزاء، اذ لولا معرفتهم بها لما وجدت فى كتب اللغة .
مما يشهد على تلك المعرفة السابقة عند العرب الكثير من المسميات فهم عندما نقلوا عن غيرهم ، لم ينقلوا سوى الأسماء و المصطلحات التى لم يكونوا يعرفونها. فنقلوها باسمائها الأعجمية مثل الجغرافيا و الاسطرلاب ........الخ ، وهذا نظير ما حدث معنا فى العصر الحديث فقد نقلنا اسماء المخترعات عن غيرنا باسمائها الأجنبية، مثل تلفون و كمبيوتر و ماكرافون ،ان هذه المصطلحات قد عربت فيما بعد و بدأت تأخذ مكانها فى الاستخدام .هذا ما كان عليه العلماء المسلمون الذين نقلوا العلوم المختلفة من غيرهم من الأمم ، فقد ترجموا كل ما استطاعوا ترجمته ، و ما عجزوا عنه أبقوه بلغته الأصلية . من هنا دخل الكثير من المصطلحات و الأسماء الأجنبية الى اللسان العربى .
وكما نلاحظ ان معظم المعاجم التى تناولت كلمتى شرح و تشريح ركزت على مصطلحات التبين و الكشف و مشتقاتها ،أما ما يخص علم التشريح فقد ركزت على ما فيه من الفوائد الجمة لمن مارسه ، كان فى ذكر تلك الفوائد اعلانا عن مشروعية التشريح ، لأن علما له هذه المزايا يكون مباحا و ليس واجبا (36)
الأدب:
من أمثلة ما ورد فى كتب الأدب من مفردات تشريحية ما جاء فى حكايات " ألف ليلة و ليلة " فى قصة الجارية " تودد " التى عرضت على الخليفة "هارون الرشيد " بثمن باهظ ، لأنها تتصف بدرجة كبيرة من الذكاء الى جانب الجمال ، فأراد الرشيد امتحانها فكلف بذلك بعض العلماء ، و كان من بين الأسئلةالتى عرضت عليها أسئلة طبية تشريحية، فأجابت عن كيفية خلق الله الإنسان ، و كم فى جسده من عروق ، و كم عظمة فى فقراته و أين أول العروق ؟ خلق الله للإنسان سبعة أبواب فى رأسه ،وهى العينان حاسة البصر و الأذنان وهى حاسة السمع و المنخران و هى حاسة الشم و الفم حاسة الذوق و جعل اللسان ينطق بما فى ضمير الأنسان، و خلق فى الأنسان ثلاثمائة و ستين عرقا و مائتين و أربعين عظما .......و خلق له قلبا و طحالاو رئة و أمعاء........ و جعل الرئة مروحة للقلب ، و جعل الكبد فى الجانب الأيمن محاذية للقلب ، و خلق ما دون ذلك من الحجاب و الأمعاء و ركب ترائب الصدر و شبكها بالاضلاع .... و جعل فى الرأس ثلاثة بطون و هى تشتمل على خمس قوى تسمى الحواس الباطنية ، و هى الحس المشترك و الخيال و المتصرفة و الواهمية و الحافظة (37)
و مما كتب فى العلوم الطبية و بينها علم التشريح فى كتب الأدب ، مسرحية نثرية اسماها " القلقشندى " المفاخر بين العلوم ، قدمها قاضى القضاة شيخ الإسلام " جلال الدين البلقينى " ذكر فيها نيفا و سبعين علما شخص فيها هذه العلوم فى يوم المفاخرة بين العلوم المختلفة . و علم الطب أحد هذه العلوم .. فقد انبرى للقول بعد علم الموسيقا ، فهاجمه و بين بعض مثالبه ، ثم قال : و أنى تنبسط بك الروح مع وجود السقم ، أو يستريح اليك القلب مع شدة مقاساة الالم ، بل أنا قوام الأبدان و غاية ملاك الإنسان بى تحفظ الأجسام و تتمكن النفس من استكمال قوتها النظرية و العملية بواسطة زوال الأسقام ، و انتقاء الألأم، مع ما يتضح من التشريح الذى هو أحد أنواعى من سر قوله تعالى : و فى أنفسكم أفلا تبصرون (38) و ما يظهر من حالة الصحة و المرض و سر الموت .
و من الكتب الأدبية الفلسفية أيضا التى تناولت هذا الموضوع رسالة " حى بنى يقظان " التى شهدت لمؤلفها (39) ببراعة فى تشريح الأجسام الميتة و الحية للحيوانات لمعرفة موطن الحياة . فقام بتشريح ظبية ميتة ، حيث أخذ يقلب جسمها حتى وصل الكبد الذى عرفه بانه العضو الذى يكون فيه الغذاء ، ثم وصل الى الرئتين ، فأخذ يقلبهما حتى وصل الى موطن القلب فرأى القلب ساكنا لا حركة فيه فشرحه فوجد فيه تجو يفين أثنين : أحدهما من الجهة اليمنى و الآخر من الجهة اليسرى ، و الذى من الجهة اليمنى مملوء بعلق منعقد ، و الذى من الجهة اليسرى قال : لا شئ فيه فقال : ربما يكون مطلبى ، فربما يكون مسكن الروح و لمعرفة ذلك قام بتشريح ظبية حية ، قام بتشريحها - كما نشرح اليوم الضفدعة فى المحتبرات المدرسية لنشاهد حركة قلبها – و كرر هذه العملية عدة مرات على الحيوانات التى كان يصطادها ، فوصل الى آلية عملية ، بها تسكن الروح ، بعد ان لاحظ خروج بحار أبيض من القلب ، فأصبح لديه يقين بان هذا البخار هو الروح (40 )
و هذه القصة و ان كانت أدبية فلسفية الا اننا نجد مؤلفها مارس التشريح فى عام (581 ه / 1185 م ) لمعرفة بعض الأشياء التى يجب أن يتعرف عليها
و من الكتب العلمية الأدبية التى تناولت علم التشريح كتاب " عجائب المخلوقات و غرائب الموجودات " للقزوينى حيث ورد فيه تشريح لجسم الأنسان عضوا عضوا ، فقد ذكر المؤلف فيه بالتفصيل و ظيفة العين و العصب البصرى و كيفية الإبصار و العضلات المحركة للعين و الجفون و الأهداب ، كما وصف وصفا تشريحيا للأنف و الأذن و الشفتين و الفم ، و تحدث عن الشعر و اللحية ، كما تحدث عن تشريح العنق و المرئ و القصبة الهوائية ، و تناول وظيفة القفص لصدرى و الاضلاع و اليدين و العمود الفقرى و الساقين . كما ذكر تشريح الأجزاء الداخلية فى جسم الأنسان ، ووصف الدماغ و القلب و الكبد و القناة الصفراوية و المرارة و المعدة و الكلية (41)
أما اللحم فهو جسم حار رطب فى كسو العظام ، فيستقيم الإنسان . و الشرايين جداول مضاعفة الجدران تنتشر فى كل الثرأب و هو الشحم الرقيق من حرارة المعدة و يسهل انبساطها عند امتلائها بالطعام . أما الجلد فهو جسم مركب من الأعصاب و الاربطة و الشعر و العروق . و الغضروف جسم يقع بين اللحم و العظم و يساعد فى الحركة و الاحتكاك .و هناك الأربطة التى تربط بين العظام ، و هى تشبه الأعصاب فى شكلها .
أما الشحم : فهو جسم حار لطيف فى أطراف العضلات و الأعصاب ، و الأوردة التى تشبه الشرايين و الغشاء الذى هو نسيج ليفى يحيط بكل الأعضاء الداخلية .
و المخ فهو جسم مناسب يتواجد فى تجويف العظام ، و هو الذى تطلق عليه اليوم علميا نقى العظام (42 )
هذه النصوص الأدبية الفلسفية و الأدبية العلمية ، تدل على معرفة الأدباء و العلماء المسلمين على اختلاف تخصصاتهم بعلم التشريح و ممارسته عند الحاجة اليه ، كما أن هذا الأمر يوضح لنا انه لم يكن من اختصاص الأطباء فقط ، بل أنه معروف لدى الخاص و العام من العلماء المسلمين . و أخيرا لا ننسى قول الفيلسوف المعرى : عجبى للطبيب يجحد بالخالق من بعد دراسة التشريح (43 )
قائمة الهوامش
(1) حاجى خليفة ، كشف الظنون ، دار المثنى ( بغداد ، د،ت ) 1 / 408
(2) أنيس مصطفى ، ابراهيم ، و أخرون : المعجم الوسيط ، دار الفكز (بيروت ، د – ت )1/ 480
(3) معجم المنجد الأبجدى ، دار الشرق (بيروت ، 1962 ) ص254
(4) كمى ، عبد المجيد : علم التشريح و الإسلام _رسالة ماجستير نوقشت بكلية الطب بجامعة محمد الحامس – الرباط (سنة 1986 لم تطبع )ص 16
(5) كمى ، المرجع نفسه ، ص 17
(6) كمى ، المرجع نفسه ص 12
(7) شافعى بك ، محمد زكى : دليل الطب الشرعى ، الجمعية المصرية للأصلاحات و الدعاية الصحية ( القاهرة ، د – ت ) ص 10
(8) شكر ، قناديل : موقف الدين من التشريح ، مجلة الدراسات ، تصدرعن ا لجامعة الاردنية ، مطبعة المتحدة – المجلد 6 عدد 1 (بيروت 1979 ) ص 12
(9) المرجع نفسه ، ص 14
(10) جبار ، و لويس ريمر : صفحات من تاريخ مصر الفرعونية – الطب و التحنيط فى عهد الفراعنة ، ترجمة : أنطوان ذكرى ، مكتبة مدبولى (القاهرة ، 1996 ) ص 37
(11) جرجى زيدان : تاريخ اللغة العربية من أقدم أزماتها الى النهضة العربية فى العصر العباسى – مجلة الهلال مطبعة التاليف ا لسنة الثانية ( بيروت ، 1895 ) 6 / 205
(12) عطيو، حربى ، عباس ،حسان حلاق : العلوم عند العرب أصولها و ملامحها الحضارية – دار النهضة العربية (بيروت ، 1995 ) ص 28
(13) حلاق حسان : مقدمة فى تاريخ العلوم و التكنولوجيا فى الشرق الادنى القديم ، ص 16 -17
(14) فروخ : تاريخ العلوم عند العرب ، ص 159
(15) عطيو : العلوم عند العرب ، ص 285
(16) العابد : برهان – مختارات من تاريخ الطب – مطبعة الاتحاد – دمشق 1990 ، ص 22
(17) بلدى : تمهيد لتاريخ الاسكندرية ، ص 40 = كذلك أنظر تاتون : موسوعة تاريخ العلوم العام ، ص 39
(18) بطرس البستانى : دائرة المعارف ، 6 / 134
(19) ابن أبىأصيبعة ، 2 / 238
(20) بدوى ، عبد الرحمن : دراسات و نصوص فى الفلسفة و العلوم عند العرب ، ص 149
(21) منتصر : تاريخ العلم ، ص 6 كذلك أنظر ، الشطى : تاريخ الطب و أعلامه ، ص 78
(22) حسين كامل : الموجز فى تاريخ الطب و الصيدلة عند العرب (الجامعة الليبية – بنغازى ) ص 44
(23) حلاق :حسين ، مقدمة فى تاريخ العلوم ، ص 21
(24) معجم البلدان ، 1 / 93
(25) ابن الازرق ، أبراهيم عبد الرحمن بو بكر : تسهيل المنافع فى الطب و الحكمة ، دار الجمل ( القاهرة ، 1972 ) ص 50
(26) أبى عبيدة : معمر بن المثنى – كتاب الخيل – بمطبعة- دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد (الهند ، 1358 ه ) ص 23 -24
(27) السامرائى ، أبراهيم : كتاب الآنسان للزجاج – مجلة المجمع العلمى العراقى – المجلد السابع (بغداد ، 1961 ) ص 107
(28) المرجع نفسه ، ص 108
(29) السامرائى : المرجع السابق ،ص 109
(30) المرجع نفسه ، ص 110
(31) الأرضروملى ، قدرى : الخيل العراب و فضلها على الأنسال العالمية – دار العربية ( بغداد ، دون تاريخ ) ص 45
(32) أدب الكاتب ، لابن قتيبة، تحقيق محمد محى الدين ، عبد الحميد ، دار السعادة ( القاهرة ، 1963 ) ص 101 – 120
(33) السامرائى : كتاب خلق الأنسان للزجاج ، ص 108
(34) كمى : علم التشريح و الاسلام ص 16
(35) الف ليلة و ليلة ، مطبعة مصطفى البانى ( القاهرة ، 1960 م ) 2 / 341
(36) سورة المؤمنين ، الأية 12
(37) صبح الأعشى فى صناعة الأنشا ، 14 / 211
(38) بن طفيل ، أبوبكر : تحقيق البير نصرى نادر ، دار الشرق ( بيروت ، 1986 ) ، ص 39 . انظر كدل داهش ، أنس على : ظواهر الحقائق العلمية فى رسالة حى بن يقظان لابن طفيل ، مجلة الموصل ، دار الكتب ، العدد الاول (الموصل . 1977 ) ص 52 =كذلك فروخ ،عبقرية العرب . ص 124
(39) القزوينى ، أبو عبيدة بن محمد : ضمن كتاب حياة الحيوان الكبرى ، لصاحبه كمال الدميرى ، دار الفكر (بيروت ،د ،ت )2 / 109 – 117 =أنظر كذلك كتاب البغدادى ، أسماعيل باشا : هدية العرفين اسماء المؤلفين و آثار المصنفين ، دار المثنى (بيروت ، د ، ت ) 1 / 373
(40) المصدر نفسه ،2 / 117
(41) مصطفى ، العانى : الطب بين التراث و المعاصرة ، مجلة المورد (العراق ، 1978 ) ص