رواجية نجمة وحيدة [الفصل الثالث]

دق الجرس معلناً انتهاء الحصة الأولى ، هذه المرة لَم تذهب جيسيكا

 إلى مضمار السباق كما تفعل عادة ، بل صعدت إلى سطح

 المدرسة ، هناك حيث يوجد كرسي خشبي طويل جلست عليه. 

أخذت تفكر كيف ستتهرب من الذهاب إلى الطبيب النفسي ، ولم تشعر

 بالوقت حتى أنها لم تحضر حصة الفيزياء التي هي الثانية. 

كانت جيسيكا تنظر إلى ساحة المدرسة ، ولم تشعر بجسم قادم

إليها من الخلف ، حتى قال لها: 

- هاي أنتِ .

أدارت جيسيكا جسدها إلى ناحية الصوت ، ثم ردت عليه بجفاء: 

- من أنت ؟ و ماذا تريد ؟

ارتسم شبح ابتسامة مغرورة على فاه ذاك الفتى ، ثم قال لها و

هو يمد لها دفتراً صغيراً :

- هذا ملخص حصة الفيزياء اليوم ، لأجل اختبار غداً ، ، والذي سيشتمل

 على درس اليوم و غداً .

أخذت منه جيسيكا الدفتر ، و وضعته بجانبها ، ثم قالت له بنبرة حادة:  

- إن كنت ركزت ، أنت لم تخبرني من أنت بعد!

اتسعت ابتسامة ذلك الشاب الطويل ذي الشعر البني كعينيه ، ثم قال

 لها بكل تفاخر: 

- لابد أن تكونِ منعزلة تماماً عن الناس ، أو أنكِ متخلفة ، لكي لا تعرفيني! 

- كان بإمكانك إخباري أنك لا تريد إخباري من أنت منذ البداية! 

و عندما همّت جيسكيا إلى التغيير موضعها للجانب الآخر ، مَد

الفتى ذراعه ، وكان على وشك إمساك كتفها ، لولا  أن صرخت

 فوراً في وجهه: 

- توقف!! 

ثم عادت إلى اتجاهه جيداً ، قالت له كان هو كانت على وشك الموت: 

- لا تلمسني أبداً !

- حسناً إهدأي ، لا داعي لكل هذا الصراخ و الخوف!  أنت لن تموتي! 

ثم بعد ثوانٍ من تحديق كلٍ منهما في عيني الآخر ، قال الفتى وقد نفذ

 صبره - بعدما أخرج كفيه من كله اليمنى من جيب بنطاله ، و عقد

 ذراعيه حول صدره: 

- أنا مارك ، بالطبع سمعتي عني ، فأنا صاحب.المركز الأول! 

- لا لم اسمع بك. 

هكذا ردت عليه جيسيكا   لتصدم مارك بكلامها.  فكما يظن هو   أن كل

من في المدرسة يعرفونه ،خاصة أصحاب المراكز المائة الاولى .

صمت قليلاً ليستوعب أنها لا تعرفه ، ثم قال لها مشككاً فيها: 

- أنتِ صاحبة المركز العاشر ، اليس كذلك ؟

- نعم!  

أصدر مارك صوتاً يدل على الشك و التفكير ، بينما كان يعقد ذراعيه

أكثر ، في حين أن علامات الملل واضحة على وجه جيسيكا .

حتى قال لها و الشك و الحيرة يملآن نبرته: 

- كيف تحصلين على المركز العاشر ! أنتِ  لا تحضرين الحصص ، وإن

حضرتها تكون بن شاردة الذهن!  ألا يجب أن تكون مرتبتكِ

الخمسين أو السبعين أو ربما المائة أو حتى المركز الأخير ؟!

دارت جيسسكا بعينيها المكان.  ثم أعادتها لتنظر في عيني مارك

بعد نفسٍ عميق ، ثم قالت له بثقة:  

- لأنه و بكل بساطة أنا عبقرية! 

رفع هو حاجبيه تعجباً ، ثم وضع كفيه في جيبيه ، وقال مراوغاً :

- لكن إن كنتِ عبقرية ، أليس من المفترض أن تكوني صاحبة

المركز الأول ، الذي أنا فيه! 

- لأنني و بكل بساطة أخطئ عمداً ! .. و لأنك ستسأل عن

السبب ، فهو يخصني ، فعلى أي حال إن حصلتُ على المركز

 الأول فهذا سيجلب المشاكل لي !

- حقاً !!

- أجل ، و هذا يكفيك ، يمكنك الخروج الآن. 

أخذ ثانيتان يدقق النظر إليها ، حتى قال لها: 

- أنا لا أصدقكِ !

- لا يهمني!  فأنا لم اطلب رأيك أن تصديقك! 

- ما رأيكِ في تحدي ، لكن ليس الآن ، في وقت آخر ؟

- موافقة ، في وقت لاحق ، الآن اذهب! 

بعد هذا الحوار الذي رإته جيسيكا طويلاً جداً ، فهي عادت لا تتكلم

مع أحد كل هذا ، أخذت تقرأ ملخص حصة الفيزياء ، حتى بدأت

حصة الرياضة بعد نصف ساعة. 

كانت حصة الرياضة هذه المرة في ساحة المدرسة ؛ و الكل قد

 ارتدى أحذيته الرياضية ، و ملابس الرياضة .

جاء أستاذ الرياضة متأخراً قليلاً ، و لأن لا أحد من الطلاب انتبه

 له غير جيسيكا ، قام بالنفخ في صفارته التي حول رقبته. 

عندما صمت كل الطلاب عن كلامهم ، قال لهم: 

- اليوم هناك مسابقة فقط! 

فرح جميع الطلاب ، لأنهم.سوف يستمتعون ، إلا جيسيكا التي

أخفضت رأسها علامة على عدم موافقتها ، حتى أنها تحدّبت قليلاً ، لكنها

اعتدلت جيداً ، وظهر شبح.ابتسامة على محياها ، عندما قال الأستاذ: 

- المسابقة في الجري. 

بالطبع هي ستفرح لهذا ، فهي تحب الركض كثيراً .

بدأ الطلاب بالكلام من جديد ، حتى أسكتهم الأستاذ بشرحه للمسابقة: 

- أولاً سيتسابق الفتيان ، ثم الفتيات ، ثم ما بعد ذلك .. ستعرفون عندما يأتي !

هكذا استعد الفتيان ، للجري ، و كل أخذ موقعاً عند خط البداية ، و

من بينما مارك صاحب المركز الأول. 

أطلق الأستاذ صافرة البداية ، فانطلق الفتيان يتسابقون ، وكل منهم

يحاول الفوز ، حتى أصبحوا قريبين من خط النهاية ، تقدم مارك  

و فاز بالمركز الأول. 

كانت جيسيكا تنظر إليه طوال السباق و هي هي تعقد ذراعيها

حول صدرها؛ وعندما فاز في النهاية ، قطبت حاجبيها كأنها رأت شيئاً غريباً .

جاء دور الفتيات للتسابق ، و اصطف الفتيان المشاهدة ، حتى

أطلقت صافرة الأنطلاق أنطلقن.

الفتيات لَسن سريعات كالفتيان ، لكن جيسيكا كانت الأسرع

منذ البداية حتى انتهاء السباق ، كانت صاحبة المركز الأول. 

بعد انتهاء السباقين ، اصطف الجميع عند بعضهم ، ثم قال

الأستاذ مشيراً بيديه إلى الفائزان في السباقات (جيسيكا و مارك ): 

- الآن ، الأول ضد الأول... 

قاطع كلامه رنين هاتفه ، فأخذه و قال للطلاب بأن ينتظروا قليلاً ، ثم

ذهب ليرد على المكالمة بعيداً بعض الشيء. 

اتجهت جيسيكا إلى خط البداية ، كما فعل مارك ، أخذت وضعية

 الأستعداد بأن انخفضت ، ثم رفعت رأسها لتنظر إلى مارك الذي

 كان واقفاً معتدلاً .

لاحظت بأن مارك طويل جداً ، فهي تقريباً معتدلة الطول . الأمر الذي

 جعلها تنتصب هي الأخرى ، ثم بدأت بخلع أحذيتها. 

استغرب الجميع من فعلها ، حتى مارك.الذي سألها متعجباً :

- لِم تخلعين أحذيتكِ ؟

- لأنه و بكل بساطة أنت فتى! 

هكذا أجابته جيسيكا " بكل بساطة " ، و لأن مارك لم يقتنع أو أنه

بالأحرى لم يفهم ، قال لها متسائلاً :

- إذاً ؟

- أنت أطول مني! 

- إذاً؟

الآن جيسيكا من تعجبت من مارك ، حتى أنها أخذت ثانية تحدق

فيه ، حتى قال لها هو و قد جاءه التوتر من نظراتها: 

- ماذا ؟

أجابته جيسيكا و هي لا زالت متعجبة: 

- أنت أغبى مني! 

سألها مارك عن السبب فأجابته بقولها: 

- لأن أرجلاً أطول تعني ركضاً أسرع ! الجميع يعرف ذلك! 

- آوه ، هكذا إذاً !

 قالها مارك بغباء ، ثم أخذت جيسيكا وضعية الأستعداد من جديد

عندما رأت الأستاذ قادماً .

و بدأ السباق عند إطلاق الأستاذ لصافرة الأنطلاق .

(انتهي الفصل )

آراء ؟ انتقادات ؟ توقعات ؟

الفصلان الأول و الثاني