[][][]{}(( الحسنة والسيئة )){}[][][]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ وسلامٌ على عبادهِ الذينَ اصطفى وسلامٌ على النَّبيِّ المُصطفى
أمَّا بعدُ
قالَ تعالى في سورة ألنِّساء : ( الآيات 78 – 79 )
{ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79) }
ويتسألُ ألقارئُ ألكريم : كيفَ يقولُ ألقرآنُ في ألآيةِ ألأولى : -
(( قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ )) : ثُمَّ يقولُ في ألآيةِ ألثانيةِ :
(( مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ )) ؟؟؟
ونُرٍيحُ صدرَ ألقارئ ألكريمِ مِنْ أولِ لحظةٍ , فنقولُ : -
إنَّ كلمةَ :
[{( حــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــسنة)}]
: في ألآيةِ ألأولى :
معناهَا يُغايرُ كلمة :
[{( حـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــسنة)}]
: في ألآية ألثانية
مــــــــــــــــــــــــــــعَ أنَّ أللفظَ واحـــــــــــــــــــــدٌ
وكذلكَ معنا , كلمة :
[{(ســـــــــــيـــــــــــئة)}]
وهذا أللونِ مِنْ ألبلاغةِ : يُسَمِّيهِ ألعلماءُ :
{}{}{} ألمشترك أللفظي {}{}{}
فاللفظُ واحدٌ والمعاني تَختلفُ
وقدْ تتبعتُ - كلمةَ ألحسنةِ وكلمةَ ألسَّيئة , في ألقرآنِ كُلِّهِ فوجدتُ ألآتي : -
أولاً :
تُطلقُ : كلمةُألحسنةِ :
ويُرادُ بها : ألثواب مِنْ اللهِ تعالى على صالحِ ألعملِ
و السَّيئةِ ضِدَّها
وقدْ جاءَ هذا ألمعنى في خمسةِ عشرَ مَوضِعاً في ألقرآنِ ألكريمِ , أكتفي ببعضها.
1 – { إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً }
( ألنساء 40 )
2 – { مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }( الأنعام 160 )
3 – { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِالسَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ }( ألرعد 22 )
وواضحٌ مِنْ ألآياتِ :
أنَّ الحسنةَ = هي - ألمثوبة مِنْ اللهِ تعالى
والسيئةَ = ضدها
ثانياً :
أنَّ ألمرادَ مِنْ : ألحسنةِ = هو ألعيش ألرغدِ في ألدُّنيا
والسيئةِ = هي ألفَقر وشدَّة ألعيشِ
وقدَ جاءَ هذا ألمعنى في إحدى عشرَ آيةٍ , في ألقرآنِ ألكريمِ , أشيرُ إلى بعضِها
1 - { إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }( آل عمران 120 )
2 – ويقولُ تعالى عَنْ بني إسرائيلَ
{ فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }( الأعرا31 )
يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ .... أي يتشاءموا منهم
3- { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ }( ألتوبة 50 )
فواضحٌ مِنْ هذهِ ألآياتِ :
أنَّ ألحسنةَ , هي :
ألرخاء مكان ألشِّدة
واليُسر مكان ألعُسرِ
والعافية مكان ألمرضِ
والذريّة مكان ألعقرِ
والكثرة مكان ألقلةِ
والأمن مكان ألخوفِ
و السيئة : عكس ذلكَ
إذا عرفتَ ألفارق بينَ ألمعنيينِ لكلمةِ : ألحسنة مع أنَّ أللفظَ واحدٌ
أصبحَ مِنْ ألسَّهلِ , أنْ تفهمَ ألآيتينِ في ضوءِ ما عرفتَ مِنْ سببِ ألنزولِ
نذكرُ سببَ ألنزولِ للآيتينِ
لأنَّهُ يُساعدُ على فهمِها !!
كانَ المنافقونَ في ألمدينةِ :
إذا وَسَّعَ اللهُ تعالى عليهِم , في ألرِّزقِ - فأمطرتْ ألسَّماءُ وَوُلِدَتْ ألإبلُ ...
وهوَ ما عَبَّرَ عنهُ ألقرآنُ : بالحسنةِ في ألآيةِ ألأولى
ساروا بينَ ألناسِ يقولونَ : هذهِ ألحسنة مِنْ عندِ اللهِ !!
يُريدونَ بذلكَ , أنْ يُظهروا إيمانَهُم ويَستروا كُفرَهُم
أمَّا إذا قلَّ ألمطر وضاقتْ بهم ألحياة ......
وهوَ ما عناهُ ألقرآنُ بقولهِ : وإنْ تُصبهمسيئة :
انطلقوا بينَ ألناسِ يُرددونَ , أنَّ هذا ألضيق والبؤس ---- سببه – مُحَمَّدٌ
(صلِّ ياربِّ عليهِ وآلهِ وباركْ وسلَّمْ - كما تُحبهُ وترضاهُ ) أللهمَّ آمين
لِيُنَفِّرُوا ألناسَ منهُ !!
فأبطلَ ألقرآنُ زعمَهُم وفضحَ نيتَهُم , وقالَ :
( كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا )
أمَّا ألآية ألثانيةِ :
فَتُقَرِّر حقيقة تتعلقُ بموضوعِ : [{( ألقضاء والقدر )}]
فالحسنة هنا : في قوله تعالى : (( ما أصابكَ مْنْ حسنةٍ فَمِنَ اللهِ ))
معناها : ألثواب أو سبب ألثواب
والسيئة : في قوله ِتعالى : (( وما أصابكَ مِنْ سيئةٍ فَمِنْ نفسكَ ))
معناها : العقاب أو سبب ألعقاب
ومعلومٌ أنَّ : ألقدرَ ألأعلى - - - لا يظلمُ ألناسَ شيئاً
فَمَنْ : وجدَ فيهِ استعداداً للخيرِ - - - دفعهُ اللهُ إلى ألخيرِ
قالَ تعالى :
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) }( سورة الليل )
وأمَّا : مَنْ وجدَ فيهِ عوامل ألشَّر ِكامنة في نفسهِ ألخبيثةِ دفعهُ إلى ألشَّرِ
قالَ تعالى :
{ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) }( سورة الليل )
فالخير مِنْ اللهِ تعالى : لأنَّهُ ألهادي إلى سبيلهِ
بتعليمِ ألخيرِ وإرسالِ ألرُّسلِ عليهم الصّلاة والسّلام
وألشَّر - مِنْ أنفُسِنا : لأنَّهُ قطعٌ لنورِ ألسَّماءِ .....
والقدرُ ألأعلى يُتَمِّمُ لكلِّ إنسانٍ ما يعزمُ عليهِ مِنْ
خيرٍ أو شرٍّ
قال تعالى :
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ }( يونس 9 )
أي : بسببِ إيمانِهم
وقال تعالى :
عَنْ ألسيئةِ وحريةِ ألنَّفسِ فيها
{إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }( النحل 104 )
فراجعْ نفسكَ واعتذرَ فسترى اللهَ غفوراً رحيماً !!
وذلكَ , حتى لا نُخطئ فَهم ألقرآنِ
مِنْ محاضراتِ الأستاذِ الشيخ محمود غريب
رحمهُ اللهُ تعالى وغفرَ لهُ ولوالديهِ وحشرهم يومَ الفصلِ تحت لواءِ سيدِّ الخلقِ سيدّنا مُحمَّد صلّى اللهُ تعالى عليهِ وباركَ وسلَّمَ
ياربِّ آمين.
منقول رجاءاً