السومريون هم سكنة العراق الأصليون ، فقد قطن أجدادهم في الجزء الشمالي من العراق وبرزت مؤشراتهم الحضارية هناك في بعض ماتركته لنا حضارة سامراء النيوليتية ( العصر الحجري الحديث ) . ثم هبطوا الى جنوب العراق بعد أن أكتمل تكون سهله الرسوبي حيث أكتشفوا المعادن وبنوا المدن والمعابد ونظموا الري واداروا عصر الكالوكاليت بمهارة فائقة حتى اوصلوه الى الى عتبة العصور التاريخية عندما اخترعوا الكتابة وظهرت مدوناتهم كأسس أولى في جميع حقول الحضارات القديمة ومنها العلوم الرياضية والفلك والتنجيم .
فقد وضعوا الأسس الأولى التي تطور منها الفلك البابلي بعد أن صار الفلك السومري مرتبطا ً بشبكة النظام الستيني الرياضي الذي اخترعه السومريون والذي مازال الى يومنا هذا يحكم علم الفلك ويطوره .
ورغم أن فهم الكون وتوصيفه عند السومريين انطلق من مباديء مثولوجية ولاهوتية الا انها كانت مرآة للطبيعة المائية والنباتية التي وجدوا انفسهم فيها يعملون على تنظيمها وتبويبها . ولذلك نرى ان الجانبين العلمي والخرافي لعبا دورا ً أساسيا ً في تطوير منظومة الفلك والتنجيم السومرية .
لقد ادى تأليه قوى الطبيعة التي لها اهمية عظيمة بالنسبة للعمل الزراعي : السماء والماء والريح دورا مهما جدا ً في رؤى السومريين وقد جسدت قوى الطبيعة الثلاث هذه في صور خيالية ، ثلاثة الهة رئيسية إله السماء ( آن )حامي مدينة اوروك ن واله الهواء والريح ( اينليل ) الذي كان مركز عبادته في نيبور واله الماء انكي الذي كان مركز عبادته في مدينة اريدو . واضافة الى هؤلاء حظيت الالها إنانا الهة الحب بالتبجيل وقد ادغموها بكوكب الزهرة وفي مدينة لارسا سجدوا لأه الشمس اوتو وفي اور عبدوا اله القمر نانا
لقد غلبت في ميثولوجيا السومريين نظرية النشوء القائمة على احداث قديمة مثل اشتعال الشعرى (الاله حورس عند المصريين وجبل الاله انو عند السومريين ) . (2)
في مجمع الآلهة السومرية يتكون أول مثلث إلهي أعلى من الآلهة ( آن ، إنليل ، إنكي ) وقد أوجد السومريون أرقاما ً خاصة بكل منهم وهم على التوالي ( 60،50،40) وكان الرقم (60) رقما ً مقدسا ً يمثل أعلى الأرقام في النظام الستيني السومري ولذلك منح هذا الرقم الرمزي للإله ( آن) إله السماء والإله الكوني للبشر . ولقد وضع السومريون لهذا الثالوث السماوي طرقا ً أو مسالك َ أو اماكن فللية سماوية هي :
1-خط الاعتدال وهو ( طريق آن )
2- خط الشمال وهو ( طريق إنليل ) ويقع شمال خط الاعتدال
3- خط الجنوب ( وهو طريق إنكي ) ويقع جنوب خط الاعتدال
وتقع في طريق إنليل نجوم الثريا التي تمثل بسبعة دوائر اما طريق إنكي ( إيا ) فتنسب له أبراج ونجوم كثيرة أهمها ( الحوت والدلو ) .
ويكاد الفلك السومري يكون قمريا ً لأن القمر يحتل مكانة هامة فيه ويعبر الرقم 30 عن عدد ايام الشهر القمري الذي لعب فيه القمر دورا هاما ً في التقويم القديم فقد كان الشكل المتبدل للقمر طيلة الشهر مدعاة لأتخاذ وحدة الاسبوع فيه دالة على كل مرحلة فمن الهلال الى نصف البدر اسبوع ومن نصف البدر الى البدر اسبوع ، ومن البدر الى نصفه الغائب اسبوع ، ومن نصف البدر الى المحاق الأسبوع الأخير أما الأيام المتبقية ( من 2-3ايام ) فهي تمثل فترة اختطاف الشياطين للقمر ونزوله أسيرا ً الى العالم الأسفل . وكان في نهاية كل اسبوع يقام عيد قمري اسمه (إش إش ) وهو مايقابل عندنا عطلة نهاية الأسبوع .
أمّا الإلهة إنانا وهي آلهة الحب والجنس السومرية فيبدو أن دورها الفلكي كان في البداية ضعيفا ثم تعاظم كلما اتجهنا نحو العصر الأكدي . ورغم ان لها عدة رموز لكن رمزها الفلكي كجمة ثمانية أقحوانية هو الذي يهمنا أما رمزها الذي يشبه العجلة الشمسية فقد ظهر في حدود القرن الثاني عشر للميلاد وكان كوكبها في البداية دلبت أو نجم القوس أو الشعرى .
اما الهة الأرض ( كي ) التي لم يكن ينظر السومريون اليها على انها كوكب سماوي ، بل كانت هي مركز الكون ، اذ لم يخطر في بالهم أن تكون الأرض معلقة في الكون بل كانت تشبه القرص الذي يطفو على المياه وقد احتلت فيما بعد الالهة ( ننخرساج ) مكان ( كي ) وتضمنت بالصفات الخصيبة والامومية .
اما الاله الذي مثل عند السومريين كوكب زحل فكان الاله (ننورتا )إبن الإله انليل وكان اسمه يعني سيد الارض . وكان الاله الفلكي الذي تذكره النصوص السومرية بندرة هو الإله (أمار – أتوك ) الذي يعني ثور الشمس الصغير وهو اصبح فيما بعد عند البابليين الإله مردوخ الذي يمثل كوكب المشتري . (1)
الكوكب..اسمه بالسومرية..آلهة..يومه..رقمه الرمزي
القمر... سواين... نانا ---الاثنين-- 30
الشمس--- أوتو--- أوتو-- الأحد--- 20
الزهرة-- نانسي أنّا--إنانا --الجمعة -- 15
المريخ-- آن------آن --- الثلاثاء---60
المشتري- سكميكاو-إنليل---الخميس--50
عطارد--- كوأود--إنكي---الأربعاء-- 40
زحل-- توردش-- ننورتا--السبت-- 50
نظام الكواكب السيارة عند السومريين
ولقد بقي المخطط الذي تصوره السومريون للكواكب والقمر والشمس سائداً في كل العالم القديم مع بعض التغييرات في مواقع الكواكب . فالتصورات العقلية السومرية تقدم لنا إطارا ً ماديا ً يهذب من غلواء المثلوجيا ويمنحنا تصميما ً كوزمولوجيا ً مرهفا ً .
وكان السومريون يعتقدون أن الكواكب والنجوم مكونة من نفس مادة الفضاء ولكنها مشرقة وبراقة ربما لأنها مساكن للآلهة التي كانت مضيئة في نظر السومرييين .
وهنا نص سومري عن اسطورة خلق القمر :
حينما الآلهة العظام " آنو " ، إنليل ، و أنكي
بمشيئتهم التي لاتحول وباوامرهم العظمى
أقاموا مركب الآله القمر
لكي يجعلوا القمر – المنجل – يشع أول مايشع فيكون الشهر
وقد أقاموه شارة للسماء والأرض
لكي يجلي الضوء بمركب السماء
يتصاعد مرئيا في كبد السماء (3)
ثم انفردت الحضارة السومرية باستخدامها للنظام الستيني Sexagesimal system وهو اول نظام رياضي واصبح فيما بعد الأساس الذي اعتمدته علوم الفلك والهندسة وقياس الزوايا والمكاييل . ويعتمد هذا النظام على العدد 60 ويكون فيه العد الأساسي من العدد (1) الى العدد (60) ثم يبدأ عد ٌ جديد وهكذا واستعمل رقم 60 لانه رقم اعلى واعظم ليكون الرقم الرمزي للإله أن إله السماء وأعظم الالهة . كما ان الدائرة حسب الرياضيات السومرية مكونة من 360 درجة او ( كيش ) ولأن السنة كانت تدور على شكل دائرة في مواسمها فهي مكونة من 360 كيش او يوم . ان التنجيم السومري المرادف للفلك السومري دخل في النظام الديني والسحري من خلال العرافة ، بينما دخل الفلك السومري في النظام الرياضي الستيني فافترق كل منها في اتجاه وصار التنجيم فنا ً والفلك علما ً .
وقد وضع السومريون أساسا ً واضحا للوقت أصبح فيما بعد الأساس الذي سار عليه البابليون وغيرهم من الأقوام في المنطقة وخارجها وقد بينا كيف قسموا الشهر القمري وكانت السنة تقاس على الأشهر القمرية وتسمى السنة القمرية وتقاس نفس السنة على الأشهر الشمسية اما فرق الايام بينهما فينتظر عدة سنوات ( حوالي ست سنوات ) لأعلان شهر كبيس يضاف الى السنة القمرية .ليتلافوا النقص الواضح في الزمن قياسا للسنة الشمسية وكذلك عرفها البابليون ومن هنا تاتي أسماء تشرين الثاني وكانون الثاني وواضح انها كانت اسماء اشهر مضافة .
وقد عرف السومريون خسوف القمر ووضعوه في ارصاداتهم الفلكية ووضعوا تفسيرا مثولوجيا له وهناك اسطورة تتحدث عن تحالف بين إله القمر وولديه الشمس والزهرة وذلك بتحريض من ابيه إنليل . حيث تقوم هذه العائلة الأنليلية بمحاولة مقاسمة إله السماء ( آن ) حكم الكون . حيث يتصدى ( آن ) لهم ويرسل الإله ( سبيتو ) التي كان ربما معناها الفلكي نجوم الثريا السبعة ، ويبدو ان الثريا تسبب خسوف القمر وتتخلى الزهرة عن عائلتها وتنضم الى صف إله السماء يحدوها امل في حكم السماء بمفردها . ويقوم إنليل بإرسال ( نسكو ) إبنه ومساعده وهو إله النار والنور الى إله الحكمة إنكي لإنقاذ القمر من مازقه فيقوم ( إيا ) وهو فلكيا عطارد بإطلاع ابنه ماردوكو ( وهو فلكيا المشتري ) على الأمر ويبدو أن الأسطورة تنتهي بتمكن ( إيا ) من تحرير القمر علما بان الإله ( آن ) في هذه الأسطورة يمثل السماء ويمثل كوكب المريخ .
كما عرفوا كسوف الشمس لكننا لانعرف اسطورة خاصة بتفسير كسوف الشمس (1) الزقورات السومرية كمراصد فلكية
لقد ظهرت نظريات عديدة حول وظيفة الزقورات منها انها معابد للآلهة تعمل على ربط السماء بالارض او انها تشبه عروش الآلهة يسكن الاله المعبد العالي ورأى فيها البعض ملااقد الالهة الميتة وكانت احدى وظائف الزقورات هي الرصد الفلكي وخصوصا في المعبد العالي لارتفاعها وتمكن الكهنة من مراقبة النجوم فيها ، كانت اعظم الزقورات السومرية هي زقورات الآلهة الكوكبية مثل زقورة أور ( القمر )وزقورة اريدو ( الشمس ) زقزرة اوروك ( الزهرة ) ثم لاحقا في العصر البابلي زقورة مردوخ ( المشتري ) ويبدو ان المعابدكانت تحتوي على حجرة خاصة بالمنجمين تعرف باسم ( بت تمرتي ) اي بيت الرصد حيث كانوا يرصدون القمر
فلكيون سومريون بعد الطوفان
اشارت بعض الالواح المسمارية الى فلكيين سومريين وكانوا جميعا من ملوك سومر قبل وبعد الطوفان ومن المؤكد ان هناك كهنة وعلماء في هذه العلوم لكن تاريخ الحقبة البعيدة لايسنح كل شيء . ونرى ان السومريين بعد الطوفان اهتموا كثيرا بالفلك والتنجيم خصوصا في تلك المدن التي كانت مراكز للآلهة الفلكية مثل (سبار ) حيث الآله أوتو إله الشمس وأور حيث الآله ( نانا ) إله القمر وأوروك حيث الإلهة (إنانا ) إله الزهرة ولذلك سنقتصر على الملوك السومريين الذين اهتموا بالفلك والتنجيم :
1- الملك اور نانشة :
ترد من مدينة لكش اول الخبار السومرية عن تعامل ملكين من ملوكها مع الكواكب والفلك ففي الاخبار التي جاءت من الملك اور نانشو الذي حكم 2520 قبل الميلاد على انه يشار فيه الى كبير العرافين وبعد قرن من ذلك التاريخ نجد نقشا ً يرجع الى ايام اوركاجينا فيها ذكر لموظف يسمى افكلو اي خبير بالعرافة .
2- الأمير كوديا :
حكم بين (2144- 2124 ) من سلالة لكش الثانية قبل الميلاد كان مهتما بالنجوم حيث يرد في قصيدة سومرية مطولة بان الأمير يقص حلما الى الآلهة نانشة ( مفسرة الاحلام والهة الكتابة في سومر )
3- شولكي :
الملك الثاني من سلالة اور الثالة التي حكمت بين ( 2112- 2004) قبل الميلاد وكان عصره مزدهرا ً وكان اسم احد شهور السنة في التقويم السومري باسم ( شولكي المدقس ) وقد وجد نص فلكي من عصره وهو من النصوص الاقتصادية السومرية من سلالة اور الثلثة وقد دون اسم الملك عليه وهو ( شولكي ابن الملك اورنمو ) فقد ظهرت على يسار اللوح سنوات حكم الملك يسجل سنوات ظهور واختفاء كوكب المشتري
( ساكميكار )وتوجد خلف اللوح تسجيلات تنجيمية ومختصر للملك السومري شولكي . (1)
يقسم تاريخ الفلك في بابل الى مرحلتين اساسيتين هما
1- الفلك البابلي القديم (1880 ق. م – 750 ق. م ) :
وتمتد هذه المرحلة منذ ظهور سلالة بابل الاولى عام 1880 وتمتد حتى سلالة بابل الثامنة وتستمر هذه الفترة لاكثر من الف سنة كان الفلك البابلي ينهل من الفلك السومري وبقع اغلب التراث الفكري الاشوري ضمنه ايضا .
2- الفلك البابلي الجديد ( 750 ق. م -75 م ) :
وتمتد هذه المرحلة من ظهور سلالة بابل التاسعة حيث البداية النوعية لعلم الفلك بصيغته العلمية ومرورا بالفلك بالمرحلة الكلدانية ومابعدها حيث تم العثور على اخر رقيم بابلي فلكي يعود الى 75 م
الفلك البابلي القديم (1880 ق. م – 750 ق. م ) :
من الامور المسلم بها بصورة عامة ان علم الفلك نشأ عن التنجيم غير ان الادلة من بلاد بابل لاتؤيد هذا الاستنتاج بصورة جلية ومن المؤكد ان بعض الارصادات الفلكية الاولى قد استخدمت لتزويد المادة لقراءة الفأل . وعلم التنجيم بحد ذاته يقسم الى نوعين التنجيم بمفهومه الحديث اي التنجيم الخاص بالابراج ويتضمن الاعتقاد ان حظ الفرد يرتبط بموقع الاجرام السماوية في لحظة مولده وتنجيم معرفة الاحكام ( الذي يختلف عن تنجيم الابراج ) وهو يتضمن رصد الاجرام السماوية وملاحظتها والتنبؤ من ذلك عن المستقبل القريب للملك والبلاد فيما يتعلق بامور كالحصاد والفيضانات والغزوات ومثال على ذلك ( اذا كانت الشمس في موقع القمر سيكون ملك البلاد امنا على العرش . واذا مانت الشمس فوق القمر او تحته فستكون اسس العرش امنة وسيقف ملك البلاد بعدالته . واذا كانت الشمس والقمر غير مرئية فسيوسع الملك الاذان ( اي يظهر الحكمة ) .(5)
الأصول المثولوجية للفلك والتنجيم البابلي :
استمرت الاصول المثولوجية السومرية في تغذية المثلوجيا البابلية باتجاه صورة فلكية وتنجيمية جديدة خصوصا ان المؤثرات الأكدية الشمسية الطابع والتي دفعت بعشتار الى الأمام تلتها شحنة جديدة من الآله مردوخ الذي مثل كوكب المشتري . واصبح مردوخ هو المركز الفلكي المثولوجي وقد تقدمت الشمس في المثولوجيا والفلك البابليين واصبح الآله شمش منذ العهد الأكدي حتى اعلهد الآموري هو الآله العظم وهو مانح الحياة وراعي العدالة وكان يعبده كل من سرجون وحمورابي . أما الآله ( سين ) اله القمر فقد كان النجم العظم عند المنجمين الذي احتفظ باهميته الفلكية والتنجيمية عند البابليين ، وكانت علامات الخسوف دالة على اشياء ذات رهبة وقوة اما الزهرة ( الآلهة عشتار )فقد ارتفعت في العصر البابلي مكانتها الكوكبية فقد كانت نجمة للسماء اما الآله مردوخ ( كوكب المشتري ) فقد اصبح بلا منازع الاله القومي للبابليين وحظي كوكبه باهمية استثنائية خاصة وتشير اسطورة الخليقة البابلية لذلك (1)
صنع مردوخ منازل لللآلهة
خلف الابراج ثبتها في اماكنها
حدد الازمنة ، جعل السنة فصولا ً
ولكل شهر من الاشهر الاثنى عشر ثىثة ابراج حدد الايام بابراجها
في الوسط ثبت السمت
والى الشرق والغرب فتح بوابة
وسلط القمر على الليل
وجعله زينة في الليل
به يعرف الناس موعد الأيام
في بدء الشهر يطل القمر
يحدد الأسبوع . بعد اسبوعين ، في نصف الشهر
يواجه الشمس يكون بدرا
ينحسر ضوء الشمس عن وجهه ، يصفر
يدركه المحاق ، يعود ثانية الى الارض (4)
اما كوكب عطارد فكان يشار اليه بالاله نبو وهو اله اكدي كان يشير الى الحكمة والمعرفة
وكان كوكب المريخ له علاقة بالطب وحدوث الامراض ويمثل الوجه السبي للشمس لذا تنسب له قوة الشمس المحرقة اما زحل فيشر الى الاله ننورتا الذي كان اله العاصفة والدمار وملك الصواعق المرعبة وأدد مسؤولا عن الانواء الجوية بشكل عام كالأمطار والرياح والعواصف . (1)
وقد وجد على لوح مدرسي يستخدم لاغراض التعليم يعود زمنه الى الدور البابلي الحديث ، وجدت اسطورتان قصيرتان ، دونت اولهما باللغة السومرية والثنية باللغة البابلية ، تتناول الاسطورة الاولى خلق القمر في حين تتطرق الثانية الى خلق الشمس (3).
النصوص الفلكية البابلية :
1- رقيم الزهرة :
" اذا اختفى كوكب الزهرة في اليوم الحادي عشر من الشهر الثاني في الشرق وبقي بعيدا عن السماء لمدة شهرين وسبعة ايام وبعد ذلك يظهر الكوكب في الغرب في اليوم التاسع من الشهر العاشر فإن الحصاد يكون جيدا من الناحية الاقتصادية
2- رقيم نجمة المحراث
وهو رقيم مدرسي فلكي مكون من نصيبين ، الأول صنف الأفق السماوي الى ثلاثة طرق ( آنو ، انليل ، ايا )ووصف النجوم الثابتة في كل طريق وكانت نجمة المحراث واحدة من مجموعة الدب الأكبر الذي يحتوي على نجوم الثريا السبعة المتألقة ( سبيتو ) النص الثاني . من هذا الرقيم يلخص مااستطاع البابليون تتبعه من الحركات الوقتية للكواكب وحول عمليات الساعة المائية والمزولة الشمسية حيث بذلا جهدا لوضع حسابات عملية حول حركة الكواكب . اما النجوم الثابتة التي وصفها النص الاول فهي ( نجمة لوخون كا ، نجمة كو أنّا ، نجمة ماش تاب باكلكال ، نجمة ألول ، نجمة أوركولا ، نجمة أبسين ، نجمة زبانيتم ، نجمة كرتاب ، نجمة بابل ساك ّ ، نجمة شوخر واش ، نجمة كولا ونجمة كمنش )
3- الرقم الاسطرلابية :
وهي رقم ذات دوائر وأشكال فلكية مرتبطة بأصل البروج ومرسومة على رقم قرصية الشكل تشبه الى حد بعيد في رسمها والكلمات المكتوبة فيها الاسطرلاب العربي الاسلامي ، وقد تطورت هذه النصوص في الفترة الكلدانية كثيرا . ويكاد يكون أقدم نص اسطرلابي يكون الشكل العام الذي سارت عليه الأسطرلابات اليونانية والعربية وهو مكون من ثلاث دوائر ذات مركز واحد مقسمة بوساطة اثنى عشر نصف قطر . وفي كل قسم من الأقسام الستة والثلاثين المؤلفة لذلك يوجد برج مع بعض الارقام وترتبط مع بعضها بمتوالية عددية .
4- نصوص حساب الأعتدال والإنقلاب الفصلي
المراصد والأدوات الفلكية البابلية :
رغم انتشار الزقورات كمراصد فلكية في كل انحاء العراق القديم والعثور على عدسات كريستالية يضع امامنا اشارة هامة لأمكانية رصد متقدمة ، الا ان اهم المراصد الفلكية المشهورة :
1- مرصد بابل : حيث يعتقد ان برج بابل الذي كان ارتفاعه أكثر من تسعين مترا كان مزودا في أعلاه بمركز فلكي .
2- مرصد أربيل : وهو الرمصد الرسمي للعائلة السرجونية الآشورية في آشور
الأدوات الفلكية :
ان الادوات الفلكية البابلية كانت اساس الدوات الفلكية اليونانية في الفلك وقياس الوقت . وقد اخترع السومريون بعضها اولا ثم طورها البابليون والكلدانيون بشكل خاص . ومنها :
1- الساعة الشمسية المزولة :
وهي ساعة شمسية بدائية لقياس الوقت في النهار وكانت تستعمل في العصور البدائية القديمة وهي عبارة عن قضيب يوضع عموديا على سطح ٍ أفقي ويحسب الوقت من قياس طول القضيب على السطح ، مثل هذه الساعة لايمكن استخدامها في الليل لذلك اخترعوا الساعة المائية لقياس الوقت ليلا ونهارا .
كانت مراقبة ظل العمود تتم على أساس أن الظل الأقصر في اليوم يكون عند الظهر اي عند مرور الشمس في خط الزوال . والظل الأقصر خلال السنة يدل على الأنقلاب الشتوي . وهناك نص بابلي يشير الى ان طول القضيب سيكون ياردة واحدة عندما تمضي ساعتان وثلث الساعة من النهار خلال الفترة التي تقع بعد الانقلاب الشتوي
2- الساعة المائية :
كانت لفظ اسمها السومري ( دب – دب ) تأثرا ً بصوت قطرات الماء واكديا ( دبدبو ) وكانت الساعة البابلية مضاعفة اي تعادل 120 دقيقة . وكانت السعة هذه معروفة لدى المصريين ايضا وقد شاع استعمالها عند كل الشعوب القديمة .
3- البولو :
وهي اداة بابلية تتألف من نصف كرة جوفاء ذات قطر كبير يواجه سطحها المحدب السماء ، ويكون السطح نصف شفاف وله تقاسيم ودرجات من جهته الباطنية وتعلق فوق هذه الكرة النصفية كرة صغيرة مثبتة على عمود يتصل بالضبط مع مركز الكرة النصفية الكبيرة وهكذا ينعكس ظلال الكرة الصغيرة نهارا ً على السطح الداخلي للكرة النصفية الكبيرة . وترسم حركة الشمس بدقة في باطن البولو .
الفلك البابلي الجديد 750 قبل الميلاد الى 75 م
الكلداني 750 ق . م – 539 ق م
تتميز مرحلة الفلك الكلداني البابلي بانعطافة علمية كبيرة بدأت بدخول الحساب والرياضيات على علم التنجم ومواقع النجوم اثناء الولادة . والرصد العلمي للكواكب وظهور الجداول الفلكية والنصوص الفلكية والتنجيمية الجديدة وقد اوصلوا الفلك الى عصره الذهبي في الشرق القديم وتأثرت بهم جميع الامم التي حولهم واتخذت بياناتهم كمقاييس دقيقة وخصوصا اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد . *الموسوعة
ولقد وصلت جداول الخسوف والكسوف التي رصدت في وادي الرافدين على امتداد 350 وعلينا ان نؤدي للفلكيين العظيمين نابو ريمانو وكيدينو اللذان وضعا الجداول حقهما من التقدير عاما ففي بابل استخدموا نظامين حسابين لحساب خسوفات القمر النظام A والنظام B ويقوم الفرق الرئيسي بينهما في أن الشمس تتحرك في النظام A بسرعة ثابتة ( 30 درجة في الشهر في شطر واحد من منطقة الافلاك وبسرعة ثابتة اخرى 28 درجة و7 دقائق و30 ثانية في الشطر المتبقي بينما في النظام B تتزايد المسافة التي تقطعها الشمس كل شهر او تتناقص من شهر لآخر بمقدار ثابت . ويبدو على اغلب الظن ان واضع النظام A هو نابوريمانو اما النظامB فينسب الى كيدينو لانه ثمة نقش على احد الجداو ليقول : " تنظيم كيدينو " ( المثولجيا ص 70-71)
الجداول الفلكية :
هناك ثلاثة انواع من الجداول الفلكية وهي مجموعة من الملاحظات اليومية الفلكية ويمكننا اجمالا ً ادراج المعلومات التي وردت في هذه اليوميات الفلكية كما ياتي : :
1- طول الشهر السابق
2- اللحظة واليوم الخاص بمشاهدة اول ظهور الهلال الي يعين فيه اول الشهر القمري
3- المدة الزمنية بين غروب الشمس وغروب القمر في يوم ولادة الهلال .
4- سلسلة من اربع ظواهر قمرية تمثل المدد الزمنية مابين غروب القمر وشروق الشمس أو بين غروب الشمس وطلوع القمر كذلك منتصف الشهر القمري ( البدر )
5- تسجيل وقائع الخسوف والكسوف مع ذكر التفاصي
6- تاريخ الرؤوية الأخيرة للهلال قبل شروق الشمس في اليوم 28 او 29
7- تثبيت الكواكب المرئية اثناء ظاهرة الخسوف والكسوف وتعيين النجوم في السمت واتجاه الريح
8- بيانات انوائية ( المطر ؟، الريح ، العاصفة ، الحر ....)
9- بيانات تنجيمية غير فلكية تخص اسعار السلع ، تغيرا منسوب النهر ، اوبئة السائدة والاحداث السياسية الجديرة بالملاحظة .
المناخات
وهي البينات القمرية والكوكبية لمدة سنة وتتالف من اثنتي عشة فقرة او ثلاث عشرة تشير كل فقرة الى معلومات لمدة شهر واحد إضافة الى الظاهر القمرية الموجودة . وتدخل في هذه البيانات مجموعة كبيرة من مصطلحات الأنواء الجوية التي مازلنا نستعملها
نصوص سنة الهدف
تضمنت هذه النصوص بعض التنبؤات عن مواقع القمر والكواكب في جداول واضحة ، واماكن منطقة البروج والتقاويم الشمسة والقمرية الثابتة ومن الواضح انها كانت شائعة في الفلك االبابلي القديم .
حركة الكواكب
كان البابليون يقومون بدراسة دورية لحركة الكواكب وتراجعها المنظم زمن معين ، وكانوا يقسمون دائرة البروج الى قوسين احدهما ضغيرة والاخرى كبيرة تتحرك فيها الكواكب وقد رصد المشتري وتواريخ بزوغاته ومحطاته وادت الحساسبات البابلية الى وجود 65 دورة سنوية ( تراجعية ) في 71 سنة وهو عدد قريب جدا من المقدار الحقيقي .
وقاسوا بدقة متناهية دورات عطارد . وفيما يلي جدول يبين القياسات البابلية للكواكب السيارة الخمسة وعدد دوراتها السينورية خلال عدد من السنوات :
الكوكب ... عدد الدورات .. عدد السنوات
عطارد ... 145.... 46
الزهرة ....8....... 5
المريخ ...15..... 32
المشتري ...65..... 71
زحل....57..... 59
الفلك الكلداني الأخميني : 539-331 ق . م
تتصف هذه المرحلة بظهور الفلك الرياضي الذي يعتمد على حسابات رياضية دقيقة وظهور الجداول والأزياج الفلكية وظهور الأسطرلاب بصورته المتقنة وبروز علماء معروفين في علم الفلك القديم .
الأزياج ( التقاويم ) :
هي قياسات فلكية تعتمد على قوانين عددية تخص الكواكب السيارة عند حركتها في السماء بحيث يعرف بها مواضع الكواكب في مداراتها في أي وقت وقد شملت الازياج الفلكية البابلية التقاويم الشمسة والقمرية والكوكبية :
فتشير بعض التقاويم الشمسية ( المدارية ) ان طول السنة 365 يوما و6 ساعات و12 دقيقة وتكون تسبة الخطأ قياسا الى الحسابات الحديثة هي 24 دقيقة و36 ثانية . كما عرفوا ان كل 325 شهرا قمريا يساوي 19 سنة شمسية وجدولوا مبدا كبس الأشهر ( سبع مرات كل 19 سنة ويوم كل ثلاث سنوات قمرية لتصبح السنة القمرية 355 يوما ) .كما تم تعيي وقائع الاقتران والتقابل للشمس والقمر في التقاويم القمرية والرؤيا الأولى والأخيرة والخسوف والكسوف ومراحل حركة القمر اما التقاويم الكوكبية فتخص الكواكب السيارة الخمسة واهمها كوكب الزهرة وعرفوا ان مدة اقترانها 584 يوما وتظهر خمس مرات في الموقع نفسه كل ثماني سنوات
كما واكتشفوا حوالي 71 نجما ثابتا وحددوا اماكنها وتمكنوا التمييز بين النجوم الثابتة والكوكب السيارة التي عرفوها ووضعوا جداول َ لهذه النجوم والمسافات التي بينها وكان قياس المسافات يجري بطريقتين :
1- الساعة المائية : وكانت تستخدم لمراقبة مرور نجمين في برج واحد عند الأوج وقياس مايسقط من الماء في الساعة المائية فيقال مثلا ً المسافة من غامتو الى برج الجوزاء هي غثنان ونصف مينا من وزن الماء .
2- القياس بمقدار حجم القوس
3- القياس بمقدار الطول حيث يتم تحويل نتائج قياس الساعة المائية بوحدة الدانا والكش اينا ككوري الى درجات او وحدات من دائرة تخيلية يفترض فيها انها تقع على الأرض .
4- النصوص الأسطرلابية : تطورت هذه النصوص من ناحية القدرة واتسعت المعلومات التي تحتويها وشملت كواكبا ونجوما جديدة وأرقاما ً ومقاسات لم تكن مالفوة في الأسطرلابات البابلية .