قصة
نصر من الله
جمعت قريش جيشها الكبير، وسار الجيش لقتال المسلمين. وسار المسلمون بجيشهم الصغير. واتجه الجيشان إلى بدر وهو مكان مشهور فيه بئر ماء.
وكان جيش المشركين أكبر من جيش المسلمين أكثر من ثلاث مرات، ولما اقترب الجيشان من المكان أنزل الله من السماء مطراً، كان على الكفار شديداً بحيث منعهم من السير والحركة، وكان على المسلمين خيراً وبركة، حيث تماسكت الأرض تحت أقادمهم وصلبت، وسهل لهم السير.
فتحرك المسلمون، وسبقوا الكفار إلى ماء بدر، فأقاموا عنده وبنوا حول الماء حوضاً ليساعد المسلمين في الانتفاع بالماء ويحرم المشركين منه.
ونظم المسلمون صفوفهم، وعندما جاءت اللحظات الحاسمة في صباح يوم الجمعة السابع عشر من رمضان التقى الجيشان وهجم المسلمون وهن يصيحون بصوت كالرعد: الله أكبر، الله أكبر.
ورفع الرسول يديه إلى السماء يدعو الله أن يحقق للمسلمين النصر الذي وعدهم به، واشتدت الحرب، وعلم الله إيمان المسلمين وصبرهم وإخلاصهم، فاستجاب لهم وأرسلم ملائكة من السماء تساعدهم، وتحارب معهم ضد الكفار، ملائكة على دفعات في أفواج متتابعة، تقوي المسلمين وتثبتهم وتضرب الكفار فوق الأعناق وفوق الأيدي.
يقول واحد من المسلمين الذين اشتركوا في غزوة بدر الكبرى وهو يصف ما كانت تفعله الملائكة: لقد رأيتنا يوم بدر، وإن أحدنا يشير إلى الكافر فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف.. وكان الله سبحانه وتعالى يستطيع نصر المسلمين من غير الملائكة، ولكنه أرسل إليهم آلاف الملائكة بشرى لهم، ولتطمئن قلوبهم في أول معركة كبرى بين جيش المشركين الضخم من ناحية وبين دعاة الإسلام بأعدادهم القليلة، وأسلحتهم المحدودة من ناحية أخرى، ليكون ذلك دليلاً واضحاً وبرهاناً صادقاً على أن الله لا يتخلى عن عباده المؤمنين ولا ينساهم.
وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون.
وانتصر المسلمون انتصاراً هائلاً هز بلاد العرب، وقتل في هذه المعركة الكبرى: أبو جهل وعدد كبير من زعماء الكفار، وكان عدد القتلى من المشركين سبعين قتيلاً، وعدد الأسرى منهم سبعين أسيراً، واستشهد من المسلمين ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار.
وكانت غزوة بدر الكبرى نصراً عظيماً في تاريخ الإسلام، فارتفعت رايات المسلمين عالية في المدينة، ونكست رايات كفار قريش، وأصبح واضحاً أن المستقبل لهذا الدين الجديد، دين الحق، وأن الله سيتم نوره ولو كره الكافرون.