وردة الماياب البيضاء
كلّ الذين عاشوا في أرض الماياب كانوا قد سمعوا عن الاسم العذب للأميرة الجميلة.جميعهم يعلمون أن ساكنيكت تعني الوردة البيضاء.
كانت مثل القمر العالي الذي يسكن الليالي الهادئة. وكانت "حبّابة" مثل حمامة مطوقة بالهديل العذب ، حمامة بهية وعذبة مثل قطرات الندى ،كانت جميلة مثل الوردة التي تملأ الحقل بالسعادة المعطّرة، ورائعة مثل ضياء الشمس الذي يضم كلّ الألوان، وناعمة مثل النسمة التي تأخذ بين ذراعيها كلّ الأغنيات. هكذا كانت الأميرة ساكنيكت التي ولدت في المدينة الشامخة لـ"مايافان".
كان السلام يوّحد المدن الثلاث الكبرى كشقيقات على أرض ماياب . والمدن هي: " مايافان الجديدة والغالية و "أوكسمال" الرائعة و"تشي تشين إتزا" التي كان فيها المذبح ومعبد الحكمة. لم يكن هناك جيش ، لأن ملوك تلك المدن كانوا قد قطعوا عهداً بان تعيش المدن مثل شقيقات.
كل الذين عاشوا في ماياب سمعوا أيضا اسم الأمير "كانيك" ؟ الذي يعني "الأفعى السوداء" .و كان مقداما، وقوي القلب، وعندما أتمّ لثلاث مرات سبع سنوات، تم تنصيبه ملكاً لمدينة " تشي تشيت إتزا".
في ذلك اليوم كان الأمير "كانيك "القوي القلب ،قد رأى ساكنيكت.وفي تلك الليلة لم ينم الأمير الشجاع والقوي القلب ومنذ ذلك الوقت بدأ يشعر بالحزن طيلة أيامه.
كان عمر الأميرة ساكنيكت ثلاث مرات خمس سنوات عندما رأت الأمير "كانيك" ،وهي تجلس في عرش مدينة " إتزا" ، فخفق قلبها بالسعادة ، ولما حلّ الليل نامت وثغرها مشتعل بابتسامة مضيئة. وعندما استيقظت ساكنيكت عرفت أنّ حياتها وحياة الأمير "كانيك" قد أصبحتا مثل نهرين يجريان معا ليقبّلا البحر. وهذا ما حدث. وهكذا يغنّي أولئك الذين عرفوا ولم ينسوا ذلك التاريخ.
في اليوم الذي تم فيه تنصيب الأمير "كانيك" ملكا للإتزيين سكان مدينة "اتزا", صعد إلى معبد مدينة"اتزمال" المقدسة ليقدم نفسه أمام الإله. اصطكت قدماه قدمي صياد عندما نزل المدرجات الستة والعشرون للمعبد و ارتخت ذراعاه ذراعى محارب , كل ذلك لأنه رأى الأميرة الوردة البيضاء.
كانت الساحة الكبيرة للمعبد محتشدة بالناس ، الذين وصلوا من جميع أنحاء ماياب ليشاهدوا الأمير. وكل الذين كانوا قريبين منه لاحظوا ما حدث . لاحظوا ابتسامة الأميرة ،وشاهدوا الأمير يغلق عينيه ، ويشدّ على صدره بيديه الباردتين.
كان هناك ملوك و أمراء المدن الأخرى, جميعهم شاهدوه لكنهم لم يعرفوا أنه اعتبارا من تلك اللحظة بدأت الحياة الجديدة للملك ، و الحياة الجديدة للأميرة بدأتا تركضان مثل نهرين معا ليكملا إرادة القدر في الأعالي. وهذا ما لم يفهموه لأنه كان من الضروري العلم أن والد الأميرة ساكنيكت الملك الجبار لأرض "ماياب" كان قد منحها إلى الفتى "أوليل" . الأمير الذي يرث مملكة أوكسمال. كانوا هناك جميعهم ملوكا وأمراء, والأميرة "الوردة البيضاء" اختارت الأمير "الأفعى السوداء" لتجعل حياتها تركض معه ، كما يركض نهران معا إلى البحر.
انتهى اليوم الذي تنصب الأمير "كانيك" فيه ملكا على "تشي تشين إتزا". وبدأ العدّ للأيام السبعة والثلاثين المتبقية لزواج الأمير" أوليل" من الأميرة " ساكنيكت".
جاء مبعوثون ورسل من مدينة" مايافان" إلى ملك "إتزا " الشاب وقالوا له: " ملكنا، ادع الصديق والحليف إلى حفل زواج ابنتك " . فأجاب الملك كانيك بعينين تشتعلان:
" قولوا لسيدكم إنني سأحضر ".
و جاء مبعوثون ورسل من مدينة " أوكسمال " إلى الملك "كانيك" وقالوا له: " أميرنا "أوليل" يطلب من ملك الإتزانيين المعظم أن يأتي للجلوس إلى "قداس" زواجه من الأميرة ساكنيكت " . فأجاب الملك كانيك و كانت جبهته مليئة بالعرق ويداه مشدودتان:
" قولوا لسيدكم إنه سيراني في ذلك اليوم ".
وفيما كان ملك الإيتزانيين وحيدا ينظر إلى النجوم في الماء ليسألها، جاءه سفير عند منتصف الليل. جاءه قزم غامق وشائخ وقال على مسمعه: " الوردة البيضاء تنتظرك بين الأوراق الخضراء، هل ستدع رجلا أخر ليذهب ويقطفها "؟ واختفى القزم مع الهواء أو تحت الأرض ، لم يكن قد رآه أحد سوى الملك, ولم يعلم بذلك أحد.
في أوكسمال العظيمة كانت تجري التحضيرات لزفاف الأميرة "الوردة البيضاء" والأمير"أوليل". ومن مدينة "مايافان" خرجت الأميرة رفقة والدها والسادة العظماء في موكب مهيب ،ملأ الطريق بالغناء. وإلى أبعد من بوابة مدينة "أوكسمال" خرج الأمير "أوليل" يرافقه العديد من النبلاء والمحاربين لاستقبال الأميرة، لكنه، عندما شاهدها كانت تبكي.
كانت المدينة بأسرها مزينة بالرايات وبريش الديك البري وبالفضة وبأقواس ألوان برّاقة وكان الجميع يرقصون ، سعيدين وهم لا يدرون ماذا سيحدث.
أقيمت الاحتفالات الكبيرة طيلة أيام ثلاث ،أقيمت للمدعوين في مدينة "أوكسمال" و كانت المدينة تهتز بالسعادة، فلا أحد كان يدري ماذا سيجري , وفي اليوم الثالث من الاحتفالات والقمر كان بدرا مدورا كالشمس ، كان ذلك هو اليوم الطيب لزفاف الأمير حسب طالع السماء.
لقد وصل إلى أوكسمال ملوك وأبناء ملوك ،من كل الممالك القريبة والبعيدة ، و جلبوا جميعهم الهدايا للعروسين الجديدين. جاء بعضهم بخراف بيضاء, لها قرون لولبية من ذهب. آخرون جاءوا بأقحاف سلاحف ضخمة معبأة بريش كيتزال البرّاق.جاء محاربون بزيوت الطيب وعقود من الذهب والياقوت. كما جاء موسيقيون بطيور مدربة على الشدو كموسيقى السماء. ومن كل الأماكن جاء سفراء مع هدايا ثمينة ما عدا الملك كانيك ملك "تشي تشين إتزا". لقد انتظروه حتى اليوم الثالث لكنه لم يصل ولم يرسل أي مبعوث له.
كان الاستغراب والقلق يسيطران على الجميع. لأنهم لم يعرفوا السبب . لكن قلب الأميرة كان يعلم وينتظر.
لقد انتهى اليوم الثالث للاحتفالات وتم تحضير المذبح المخصص للقرابين، لكن، سيد الإتزانيين الأعظم لم يصل. لهذا كفّ الذين لا يعرفون السبب عن انتظاره وقالوا: " في حفل زفاف الأميرة ساكنيكت من الأمير أوليل تم انتظار سيّد تشي تشين ثلاثة أيام متتالية لكنه لم يصل ".
كانت الأميرة ساكنيكت تقف قبالة المذبح وهي ترتدي الألوان الصافية والمزدانة بالورود, بينما يقترب الرجل الذي ستقدم نفسها له كزوجة .
وردة ماياب تنتظر تتخيل الطرقات التي سيأتي منها الملك الذي وهبته قلبها.
تنتظر وردة ماياب البيضاء بينما كانيك الملك الشاب الحزين والصياد القوي يبحث يائسا في الظلال عن الطريق الذي سيسلكه ، ليكمل مشيئة السماء. ففي حفل زفاف الأميرة ساكنيكت من الأمير أوليل تم انتظار سيد تشي تشين ثلاثة أيام متتالية لكنه لم يصل.
لكن، الملك كانيك وصل في الساعة التي كان عليه أن يصل فيها. قفز فورا وسط ساحة أوكسمال يرافقه ستون من رجاله المحاربين المهمين، وصعد إلى المذبح حيث كانت النار تتوهج والكهنة ينشدون. لقد وصل بلباس الحروب وعلى صدره شارة إتزا ،وبدأوا يصرخون: إتزالانا! إتزالانا ! كما يفعلون في ميادين الحروب.
لم ينهض أحد ضدهم. حدث كل هذا في لحظة ، دخل الملك كانيك كالريح الحارقة, وأخذ الأميرة بين ذراعيه على مرأى من الجميع. لم يقو أحد على منعه, وعندما أرادوا النظر إليه ،عندها، كان قد اختفى. وأمام المذبح بقي الأمير أوليل مع الكهنة فقط. لقد ضاعت الأميرة أمام عينيه يحملها الملك الذي مرّ مثل البرق.وهكذا انتهت احتفالات الزفاف
وفجأة قُرعت القواقع ، ودُقت الصنوج، وانطلقت صرخة غضب أوليل في الشوارع لتجمع رجاله المحاربين.
كان الأمير كانيك قد ذهب من مدينته تشي تشين إلى أوكسمال العظيمة، دون أن يراه أحد, لقد ذهب عبر الطرقات المظلمة ، حيث يوجد ممرات بين الحجارة, تحت التربة، في أرض الماياس المقدسة. هذه الطرقات لم يكن يعرفها أحد سوى أولئك الذين كان عليهم أن يعرفوها. وهكذا وصل الأمير كانيك دون أن يراه أحد ليسرق اليمامة العشيقة الحلوة جدا على أشعة قمر قلبه.
لكن نصال الأسلحة تُسنّ ثانية في ماياب ، وتُرفع رايات الحروب, ويتوحد الأوكسماليين والمايابيل ضد الإتزيين.
آه من الانتقام !! سوف يسقط على رأس تشي تشين, وهي لم تنم إلا القليل وقد هدّها التعب وألعاب الأفراح.
أخذت الطرقات تمتلئ بغبار المسير والهواء بالصرخات وتقرع القواقع وتضرب صنوج الحرب!!
ماذا سيحل بك يا مدينة تشي تشين المتعبة والنائمة من سعادة أميرك ؟ كيف غادر الإيتزانييون بيوتهم ومعابدهم في "تشي تشين" وتركوا مدينتهم الجميلة مضطجعة على ضفاف المياه الزرقاء؟
جميعهم كانوا يمضون في الليل ، وهم يبكون على أنوار حملة المشاعل. كلهم مضوا على شكل أرتال ، لينفّذوا تعاليم الآلهة وحياة الملك ، والأميرة نور ومجد ماياب.
أمام أبناء إيتزا كان الملك كانيك يمضي بين حملة المشاعل وسط الجبال , كان ملتفا برداء أبيض وبلا تاج من ريش على جبهته. إلى جانبه كانت الأميرة ساكنيكت ، وكانت ترفع يدها وتشير إلى الطريق والجميع يسيرون في الخلف.
وأخيرا وصلوا إلى مكان هادى وأخضر, إلى جانب بحيرة ساكنة, بعيدا عن جميع المدن. هناك وضعوا سدة المملكة وبنوا البيوت البسيطة في سلام.وهكذا نجا الإيتزانييون بفضل حب الأميرة ساكنيكت ،التي كانت قد دخلت إلى قلب الأمير الأخير لتشي تشين ، لينقذها من العقاب ، ولكي يصنعوا حياتهما الصافية والبيضاء.
وحيدة وصامتة بقيت تشي تشين وسط الغابة بلا عصافير ، لأنها طارت جميعها خلف الأميرة ساكنيكت. وصل إليها أعداد كبيرة من جيوش أوكسمال ومايابان لكنهم لم يعثروا فيها على شيء ، ولا على الأصداء في القصور أو في المعابد الفارغة. عندها، أشعل حنقهم النيران في المدينة الرائعة ، وبقيت تشي تشين وحيدة وميتة مهجورة إلى جانب المياه الزرقاء. بقيت وحيدة وميتة يعطّر أنقاضها عبير ناعم يشبه البسمة والضوء الأبيض للقمر.
ففي كل ربيع تنبت الوردة البيضاء في ماياب ، تزيّن الأشجار وتملأ الهواء بأنفاسها الطيبة. وابن أرض
المايا ينتظرها ليحيّيها بكل حنان قلبه، وعندها يتم ذكر اسم الأميرة ساكنيكت
كلّ الذين عاشوا في أرض الماياب كانوا قد سمعوا عن الاسم العذب للأميرة الجميلة.جميعهم يعلمون أن ساكنيكت تعني الوردة البيضاء.
كانت مثل القمر العالي الذي يسكن الليالي الهادئة. وكانت "حبّابة" مثل حمامة مطوقة بالهديل العذب ، حمامة بهية وعذبة مثل قطرات الندى ،كانت جميلة مثل الوردة التي تملأ الحقل بالسعادة المعطّرة، ورائعة مثل ضياء الشمس الذي يضم كلّ الألوان، وناعمة مثل النسمة التي تأخذ بين ذراعيها كلّ الأغنيات. هكذا كانت الأميرة ساكنيكت التي ولدت في المدينة الشامخة لـ"مايافان".
كان السلام يوّحد المدن الثلاث الكبرى كشقيقات على أرض ماياب . والمدن هي: " مايافان الجديدة والغالية و "أوكسمال" الرائعة و"تشي تشين إتزا" التي كان فيها المذبح ومعبد الحكمة. لم يكن هناك جيش ، لأن ملوك تلك المدن كانوا قد قطعوا عهداً بان تعيش المدن مثل شقيقات.
كل الذين عاشوا في ماياب سمعوا أيضا اسم الأمير "كانيك" ؟ الذي يعني "الأفعى السوداء" .و كان مقداما، وقوي القلب، وعندما أتمّ لثلاث مرات سبع سنوات، تم تنصيبه ملكاً لمدينة " تشي تشيت إتزا".
في ذلك اليوم كان الأمير "كانيك "القوي القلب ،قد رأى ساكنيكت.وفي تلك الليلة لم ينم الأمير الشجاع والقوي القلب ومنذ ذلك الوقت بدأ يشعر بالحزن طيلة أيامه.
كان عمر الأميرة ساكنيكت ثلاث مرات خمس سنوات عندما رأت الأمير "كانيك" ،وهي تجلس في عرش مدينة " إتزا" ، فخفق قلبها بالسعادة ، ولما حلّ الليل نامت وثغرها مشتعل بابتسامة مضيئة. وعندما استيقظت ساكنيكت عرفت أنّ حياتها وحياة الأمير "كانيك" قد أصبحتا مثل نهرين يجريان معا ليقبّلا البحر. وهذا ما حدث. وهكذا يغنّي أولئك الذين عرفوا ولم ينسوا ذلك التاريخ.
في اليوم الذي تم فيه تنصيب الأمير "كانيك" ملكا للإتزيين سكان مدينة "اتزا", صعد إلى معبد مدينة"اتزمال" المقدسة ليقدم نفسه أمام الإله. اصطكت قدماه قدمي صياد عندما نزل المدرجات الستة والعشرون للمعبد و ارتخت ذراعاه ذراعى محارب , كل ذلك لأنه رأى الأميرة الوردة البيضاء.
كانت الساحة الكبيرة للمعبد محتشدة بالناس ، الذين وصلوا من جميع أنحاء ماياب ليشاهدوا الأمير. وكل الذين كانوا قريبين منه لاحظوا ما حدث . لاحظوا ابتسامة الأميرة ،وشاهدوا الأمير يغلق عينيه ، ويشدّ على صدره بيديه الباردتين.
كان هناك ملوك و أمراء المدن الأخرى, جميعهم شاهدوه لكنهم لم يعرفوا أنه اعتبارا من تلك اللحظة بدأت الحياة الجديدة للملك ، و الحياة الجديدة للأميرة بدأتا تركضان مثل نهرين معا ليكملا إرادة القدر في الأعالي. وهذا ما لم يفهموه لأنه كان من الضروري العلم أن والد الأميرة ساكنيكت الملك الجبار لأرض "ماياب" كان قد منحها إلى الفتى "أوليل" . الأمير الذي يرث مملكة أوكسمال. كانوا هناك جميعهم ملوكا وأمراء, والأميرة "الوردة البيضاء" اختارت الأمير "الأفعى السوداء" لتجعل حياتها تركض معه ، كما يركض نهران معا إلى البحر.
انتهى اليوم الذي تنصب الأمير "كانيك" فيه ملكا على "تشي تشين إتزا". وبدأ العدّ للأيام السبعة والثلاثين المتبقية لزواج الأمير" أوليل" من الأميرة " ساكنيكت".
جاء مبعوثون ورسل من مدينة" مايافان" إلى ملك "إتزا " الشاب وقالوا له: " ملكنا، ادع الصديق والحليف إلى حفل زواج ابنتك " . فأجاب الملك كانيك بعينين تشتعلان:
" قولوا لسيدكم إنني سأحضر ".
و جاء مبعوثون ورسل من مدينة " أوكسمال " إلى الملك "كانيك" وقالوا له: " أميرنا "أوليل" يطلب من ملك الإتزانيين المعظم أن يأتي للجلوس إلى "قداس" زواجه من الأميرة ساكنيكت " . فأجاب الملك كانيك و كانت جبهته مليئة بالعرق ويداه مشدودتان:
" قولوا لسيدكم إنه سيراني في ذلك اليوم ".
وفيما كان ملك الإيتزانيين وحيدا ينظر إلى النجوم في الماء ليسألها، جاءه سفير عند منتصف الليل. جاءه قزم غامق وشائخ وقال على مسمعه: " الوردة البيضاء تنتظرك بين الأوراق الخضراء، هل ستدع رجلا أخر ليذهب ويقطفها "؟ واختفى القزم مع الهواء أو تحت الأرض ، لم يكن قد رآه أحد سوى الملك, ولم يعلم بذلك أحد.
في أوكسمال العظيمة كانت تجري التحضيرات لزفاف الأميرة "الوردة البيضاء" والأمير"أوليل". ومن مدينة "مايافان" خرجت الأميرة رفقة والدها والسادة العظماء في موكب مهيب ،ملأ الطريق بالغناء. وإلى أبعد من بوابة مدينة "أوكسمال" خرج الأمير "أوليل" يرافقه العديد من النبلاء والمحاربين لاستقبال الأميرة، لكنه، عندما شاهدها كانت تبكي.
كانت المدينة بأسرها مزينة بالرايات وبريش الديك البري وبالفضة وبأقواس ألوان برّاقة وكان الجميع يرقصون ، سعيدين وهم لا يدرون ماذا سيحدث.
أقيمت الاحتفالات الكبيرة طيلة أيام ثلاث ،أقيمت للمدعوين في مدينة "أوكسمال" و كانت المدينة تهتز بالسعادة، فلا أحد كان يدري ماذا سيجري , وفي اليوم الثالث من الاحتفالات والقمر كان بدرا مدورا كالشمس ، كان ذلك هو اليوم الطيب لزفاف الأمير حسب طالع السماء.
لقد وصل إلى أوكسمال ملوك وأبناء ملوك ،من كل الممالك القريبة والبعيدة ، و جلبوا جميعهم الهدايا للعروسين الجديدين. جاء بعضهم بخراف بيضاء, لها قرون لولبية من ذهب. آخرون جاءوا بأقحاف سلاحف ضخمة معبأة بريش كيتزال البرّاق.جاء محاربون بزيوت الطيب وعقود من الذهب والياقوت. كما جاء موسيقيون بطيور مدربة على الشدو كموسيقى السماء. ومن كل الأماكن جاء سفراء مع هدايا ثمينة ما عدا الملك كانيك ملك "تشي تشين إتزا". لقد انتظروه حتى اليوم الثالث لكنه لم يصل ولم يرسل أي مبعوث له.
كان الاستغراب والقلق يسيطران على الجميع. لأنهم لم يعرفوا السبب . لكن قلب الأميرة كان يعلم وينتظر.
لقد انتهى اليوم الثالث للاحتفالات وتم تحضير المذبح المخصص للقرابين، لكن، سيد الإتزانيين الأعظم لم يصل. لهذا كفّ الذين لا يعرفون السبب عن انتظاره وقالوا: " في حفل زفاف الأميرة ساكنيكت من الأمير أوليل تم انتظار سيّد تشي تشين ثلاثة أيام متتالية لكنه لم يصل ".
كانت الأميرة ساكنيكت تقف قبالة المذبح وهي ترتدي الألوان الصافية والمزدانة بالورود, بينما يقترب الرجل الذي ستقدم نفسها له كزوجة .
وردة ماياب تنتظر تتخيل الطرقات التي سيأتي منها الملك الذي وهبته قلبها.
تنتظر وردة ماياب البيضاء بينما كانيك الملك الشاب الحزين والصياد القوي يبحث يائسا في الظلال عن الطريق الذي سيسلكه ، ليكمل مشيئة السماء. ففي حفل زفاف الأميرة ساكنيكت من الأمير أوليل تم انتظار سيد تشي تشين ثلاثة أيام متتالية لكنه لم يصل.
لكن، الملك كانيك وصل في الساعة التي كان عليه أن يصل فيها. قفز فورا وسط ساحة أوكسمال يرافقه ستون من رجاله المحاربين المهمين، وصعد إلى المذبح حيث كانت النار تتوهج والكهنة ينشدون. لقد وصل بلباس الحروب وعلى صدره شارة إتزا ،وبدأوا يصرخون: إتزالانا! إتزالانا ! كما يفعلون في ميادين الحروب.
لم ينهض أحد ضدهم. حدث كل هذا في لحظة ، دخل الملك كانيك كالريح الحارقة, وأخذ الأميرة بين ذراعيه على مرأى من الجميع. لم يقو أحد على منعه, وعندما أرادوا النظر إليه ،عندها، كان قد اختفى. وأمام المذبح بقي الأمير أوليل مع الكهنة فقط. لقد ضاعت الأميرة أمام عينيه يحملها الملك الذي مرّ مثل البرق.وهكذا انتهت احتفالات الزفاف
وفجأة قُرعت القواقع ، ودُقت الصنوج، وانطلقت صرخة غضب أوليل في الشوارع لتجمع رجاله المحاربين.
كان الأمير كانيك قد ذهب من مدينته تشي تشين إلى أوكسمال العظيمة، دون أن يراه أحد, لقد ذهب عبر الطرقات المظلمة ، حيث يوجد ممرات بين الحجارة, تحت التربة، في أرض الماياس المقدسة. هذه الطرقات لم يكن يعرفها أحد سوى أولئك الذين كان عليهم أن يعرفوها. وهكذا وصل الأمير كانيك دون أن يراه أحد ليسرق اليمامة العشيقة الحلوة جدا على أشعة قمر قلبه.
لكن نصال الأسلحة تُسنّ ثانية في ماياب ، وتُرفع رايات الحروب, ويتوحد الأوكسماليين والمايابيل ضد الإتزيين.
آه من الانتقام !! سوف يسقط على رأس تشي تشين, وهي لم تنم إلا القليل وقد هدّها التعب وألعاب الأفراح.
أخذت الطرقات تمتلئ بغبار المسير والهواء بالصرخات وتقرع القواقع وتضرب صنوج الحرب!!
ماذا سيحل بك يا مدينة تشي تشين المتعبة والنائمة من سعادة أميرك ؟ كيف غادر الإيتزانييون بيوتهم ومعابدهم في "تشي تشين" وتركوا مدينتهم الجميلة مضطجعة على ضفاف المياه الزرقاء؟
جميعهم كانوا يمضون في الليل ، وهم يبكون على أنوار حملة المشاعل. كلهم مضوا على شكل أرتال ، لينفّذوا تعاليم الآلهة وحياة الملك ، والأميرة نور ومجد ماياب.
أمام أبناء إيتزا كان الملك كانيك يمضي بين حملة المشاعل وسط الجبال , كان ملتفا برداء أبيض وبلا تاج من ريش على جبهته. إلى جانبه كانت الأميرة ساكنيكت ، وكانت ترفع يدها وتشير إلى الطريق والجميع يسيرون في الخلف.
وأخيرا وصلوا إلى مكان هادى وأخضر, إلى جانب بحيرة ساكنة, بعيدا عن جميع المدن. هناك وضعوا سدة المملكة وبنوا البيوت البسيطة في سلام.وهكذا نجا الإيتزانييون بفضل حب الأميرة ساكنيكت ،التي كانت قد دخلت إلى قلب الأمير الأخير لتشي تشين ، لينقذها من العقاب ، ولكي يصنعوا حياتهما الصافية والبيضاء.
وحيدة وصامتة بقيت تشي تشين وسط الغابة بلا عصافير ، لأنها طارت جميعها خلف الأميرة ساكنيكت. وصل إليها أعداد كبيرة من جيوش أوكسمال ومايابان لكنهم لم يعثروا فيها على شيء ، ولا على الأصداء في القصور أو في المعابد الفارغة. عندها، أشعل حنقهم النيران في المدينة الرائعة ، وبقيت تشي تشين وحيدة وميتة مهجورة إلى جانب المياه الزرقاء. بقيت وحيدة وميتة يعطّر أنقاضها عبير ناعم يشبه البسمة والضوء الأبيض للقمر.
ففي كل ربيع تنبت الوردة البيضاء في ماياب ، تزيّن الأشجار وتملأ الهواء بأنفاسها الطيبة. وابن أرض
المايا ينتظرها ليحيّيها بكل حنان قلبه، وعندها يتم ذكر اسم الأميرة ساكنيكت