![قانون الجذب: خرافة خطيرة تحت ستار العلم P_3297517fd1](https://h.top4top.io/p_3297517fd1.jpg)
* في عالمٍ يموج بالمعلومات والادعاءات المختلفة، يبرز ما يُعرف بـ"قانون الجذب" كواحدة من أكثر الخرافات انتشارًا حيث يُروَّج له على أنه طريق مختصر لتحقيق الأماني والأحلام بمجرد التفكير الإيجابي بها بقوة. ورغم ما يبدو عليه هذا القانون من جاذبية، إلا أنه يفتقر إلى أي أساس علمي أو ديني، مما يجعله مجرد وهم يخدع العقول ويثبط الهمم. العلوم الزائفة وخطورة الترويج لها ما يسمى بعلوم الطاقة، الريكي، والجذب العكسي كلها مصنفة تحت بند "العلوم الزائفة" (pseudoscience) أي تلك التي تدعي العلمية دون أدلة تجريبية حقيقية. ينص قانون الجذب على أن التفكير وحده يمكن أن يحقق الأهداف دون حاجة إلى السعي أو العمل. ولكن هل يمكن حقًا تحقيق النجاح بدون بذل الأسباب؟ بالطبع لا، فلو كان الأمر كذلك لما كانت هناك حاجة إلى الجهد والعمل الذي يحث عليه الدين والعقل معًا. تخيل لو أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم اكتفت بالأماني بدلًا من الهجرة والجهاد وبذل الجهود في سبيل رفع راية الإسلام! لم يكن ذلك نهج النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، بل كانوا دائمًا يأخذون بالأسباب ثم يتوكلون على الله. المغالطات العقلية في قانون الجذب يزعم مؤيدو قانون الجذب أن العقل يصدر ذبذبات إلى الكون، وهذه الذبذبات هي التي تجذب الأحداث والأشياء إلى حياة الإنسان. هذا الاعتقاد لا ينسجم مع حكمة الله في خلقه، حيث إن الله لا يحقق للإنسان شيئًا دون سعيه وبذله للأسباب. إن هذا النوع من التفكير يتجاهل أبسط قواعد المنطق والواقع، حيث نعلم جميعًا أن هناك الكثير من الأشياء تحدث لنا دون أن نفكر بها، وكذلك هناك أشياء نفكر بها كثيرًا ولا تتحقق. خطورة الإيمان بقانون الجذب الإيمان بهذه الخرافة يؤدي إلى انتشار التواكل والكسل بين الناس، إذ يظن البعض أن بإمكانهم تحقيق أحلامهم وأمانيهم دون بذل أي مجهود فقط عبر التفكير بها بإيجابية. لكن الواقع يقول غير ذلك؛ فالنجاح يتطلب العمل، والتدريب، والاجتهاد. خذ مثلًا الرياضيين المحترفين، هل يمكن لأحدهم أن يصبح لاعبًا عالميًا دون سنوات من التدريب الشاق والالتزام؟ بالتأكيد لا. وحتى العقلاء من غير المسلمين يدركون أن النجاح لا يأتي بالتمني، بل بالعمل المستمر. قانون الوفرة: وهم آخر من بين الخرافات التي تروج مع قانون الجذب، يأتي ما يُعرف بـ"قانون الوفرة"، والذي يدعي أن الإنسان يمكنه الحصول على كل شيء في الحياة دون أن يحرم من أي شيء آخر. وفق هذا القانون، لا يوجد تعارض بين الحصول على المال والصحة والسعادة وكل ما يتمناه الإنسان. لكن هذا الاعتقاد يناقض الواقع تمامًا، فالحياة مليئة بالتحديات والابتلاءات. وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾، حيث يطالبهم الله بالدليل، لأن مجرد التمني لا يكفي لتحقيق أي شيء. قانون الجذب العكسي ظهرت مؤخرًا خرافة جديدة تحت مسمى "الجذب العكسي"، والتي تدعي أن التفكير السلبي يجلب النتائج السلبية إلى حياة الإنسان.على سبيل المثال، إذا تزوجت امرأة من رجل بخيل، يُقال لها إن السبب هو أنها كانت تفكر كثيرًا بأنها لا تريد زوجًا بخيلًا، مما أدى إلى جذب هذا القدر إليها! هذه الفكرة لا تستند إلى أي منطق أو دليل، بل تزيد من معاناة الناس عبر إلقاء اللوم عليهم في أمور خارجة عن إرادتهم، مما يزرع الإحباط والشعور بالذنب دون مبرر. * الإسلام دين يحث على السعي والعمل مع التوكل على الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي". حسن الظن بالله لا يعني أن الله يحقق لنا ما نريد دون عمل، بل يعني الثقة بأن الله يختار لنا الخير وفق حكمته، وأن علينا السعي مع الدعاء والتوكل. وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين﴾. فالابتلاء جزء من سنن الحياة، وحسن الظن بالله لا يعني غياب البلاء، بل يعني الصبر عليه والعمل لتجاوزه. إن قانون الجذب وأشباهه من الخرافات يروجون لأحلام وأوهام لا أساس لها من الصحة، مما يؤدي إلى إحباط الناس وتثبيطهم عن العمل الجاد. يجب علينا أن ندرك أن الطريق إلى النجاح يتطلب العمل والاجتهاد مع التوكل على الله، وأن الأماني وحدها لا تحقق شيئًا. فلنحذر من الوقوع في فخ هذه المفاهيم الزائفة التي تروج للتواكل والكسل بدلًا من التحفيز والعمل. |