كم تشتكي و تقول إنّك معدم | و الأرض ملكك و السماو الأنجم ؟
|
و لك الحقول وزهرها و أريجها | و نسيمها و البلبل المترنّم
|
و الماء حولك فضّة رقراقة | و الشمس فوقك عسجد يتضرّم
|
و النور يبني في السّفوح و في الذّرى | دورا مزخرفة و حينا يهدم
|
فكأنّه الفنّان يعرض عابثا | آياته قدّام من يتعلّم
|
و كأنّه لصفائه و سنائه | بحر تعوم به الطّيور الحوّم
|
هشّت لك الدّنيا فما لك واجما ؟ | و تبسّمت فعلام لا تتبسّم
|
إن كنت مكتئبا لعزّ قد مضى | هيهات يرجعه إليك تندّم
|
أو كنت تشفق من حلول مصيبة | هيهات يمنع أن تحلّ تجهّم
|
أو كنت جاوزت الشّباب فلا تقل | شاخ الزّمان فإنّه لا يهرم
|
أنظر فما تطلّ من الثّرى | صور تكاد لحسنها تتكلّم
|
ما بين أشجار كأنّ غصونها | أيد تصفّق تارة و تسلّم
|
و عيون ماء دافقات في الثّرى | تشفي السقيم كأنّما هي زمزم
|
و مسارح فقتن النسيم جمالها | فسرى يدندن تارة و يهمهم
|
فكأنّه صبّ بباب حبيبة | متوسّل ، مستعطف ، مسترحم
|
و الجدول الجذلان يضحك لاهيا | و النرجس الولهان مغف يحلم
|
و على الصعيد ملاءه من سندس | و على الهضاب لكلّ حسن ميسم
|
فهنا مكان بالأريج معطّر | و هناك طود بالشّعاع مهمّم
|
صور و أيات تفيض بشاشة | حتّى كأنّ الله فيها يبسم
|
فامش بعقلك فوقها متفهّما | إنّ الملاحة ملك من يتفهّم
|
أتزور روحك جنّة فتفوقها | كيما تزورك بالظنون جهنّم ؟
|
و ترى الحقيقة هيكلا متجسّدا | فتعافها لوساوس تتوهّم
|
يا من يحنّ إلى غد في يومه | قد بعت ما تدري بما لا تعلم
|
...
|
قم بادر اللّذّات فواتها | ما كلّ يوم مثل هذا موسم
|
واشراب بسرّ حصن سرّ شبابه | وارو أحاديث المروءة عنهم
|
المعرضين عن الخنا ، فإذا علا | صوت يقول : "إلى المكارم" أقدموا
|
ألفاعلين الخير لا لطماعة | في مغنم ، إنّ الجميل المغنّم
|
أنت الغنيّ إذا ظفرت بصاحب | منهم و عندك للعواطف منجم
|
رفعوا لدينهم لواء عاليا | و لهم لواء في العروبة معلم
|
إن حاز بعض النّاس سهما في العلى | فلهم ضروب لا تعدّ و أسهم
|
لا فضل لي إن رحت أعلن فضلهم | بقصائدي ، إنّ الضحى لا يكتم
|
لكنّني أخشى مقالة قائل | هذا الذي يثني عليهم منهم
|
أحبابنا ما أجمل الدنيا بكم | لا تقبح الدّنيا و فيها أنتم |